ألوان تنهمر من ذاكرة فنانين |
المقاله تحت باب مقالات تمام الاكحل تستذكر لمسات زوجها الراحل اسماعيل شموط
استمرارا لجلسات الحوار البصري المفتوح التي يديرها.مازن عصفور ، والذي قدم اولي جلساته اعمال الفنانة فخر النساء زين وتلميذتها الفنانة هند ناصر ومن ثم الاعمال النحتية للفنان كرام النمري والفنانة سامية الزرو ، قدم الفنانة تمام الاكحل زوجة الفنان الراحل ،اسماعيل شموط والفنان محمد العامري . وتحدث د.مازن في بداية الجلسة : ان هدف هذه الجلسة هو ايضاح الجدل لشرح ثنائية التصور بين الشكل والمضمون في الاعمال الفنية والابداعية بشكل عام ، وعلاقتها بالهم الوطني للفنان ، مضيفا :علينا ان نعرف ان الخطاب الابداعي متعدد الرؤي والتفسير ، لهذا فان ما يدور من جدل ثقافي في مجتمعاتنا العربية والمجتمع الاردني بالذات ،هو لتحديد العلاقة بين الفنان والمتلقي ،لايجاد وسيلة التلاقي . والمقارنة بين فهم المتلقي لتصور الهم الوطني تجريديا وبين فهمه الهم الوطني تصويرا واقعيا ومباشر بعض الاحيان ، وضيفي الحلقة باتجاهين مختلفين ،فنحن نعرف كما يعرف الجميع اعمال الفنان اسماعيل شموط وكذلك زوجته رفيقة دربه الفنانة تمام الاكحل . واهمية إعمالهما وتأثيراتها في الحركة التشكيلية الفلسطينية الاردنية العربية .
تناولت الفنانة تمام الاكحل حديثها مع عرض لوحات الفنان شموط واعمالها الفنية علي الشاشة . مراحل حياتها المشتركة فنيا (ان ما جمعهما في بداية حياتهما ، هو توحد وجه نظرهما واتفاقهما علي ان يكون هدفهما الرئيسي من العمل الفني ،هو العمل من اجل الانسان ورفع الظلم عنه ،والالتزام في قضيتنا قضية فلسطين والمنطقة باجمعها) ثم اضافت اثناء شرحها للوحات التي تعرض علي الشاشة ،المراحل التي مرا بها ، وكيف ان التزام الشموط للخط الواقعي ،للتعبير عن معاناة شعبنا مع المرحلتين الانطباعية والتعبيرية ،لانهم افضل من يعبر عن معانة شعبنا ، وتقدم تاريخا للاجيال لفهم ما حدث ،ثم شرحت الفترات التي عاشاها عندما حدثت الهجرة القصريه للشعب الفلسطيني من قبل العصابات الصهيونية ،ومعاناة الاطفال والشيوخ والنساء ،والاماكن التي تنقلوا فيها في الشتات بين الاردن وسوريا ولبنان ،وان هذه الاعمال اصبحت سجلا لما حدث ،وتنقلت أعمالهما في انحاء العالم بطلب من هيئات ومنظمات وجمعيات كانت تري في الاعمال .مدي التلاحم والحس الوطني للفنان وحمله لقضيته من دون اللجوء الي الرمزية والتجريدية بحجة الحداثة ، لان الاعمال لم تكن موجهة للنخبة فقط ،وانما لكل من يعيش المأساة . بعدها تحدث الفنان محمد العامري الذي قدمه مدير الجلسة بانه ليس فنانا تشكيليا وحسب بل وشاعرا معروف واداريا مهما في تنشيط ومتابعة تطور وبلورة انطلاق الحركة الفنية ليس في الاردن وحسب بل وفي الوطن العربي من خلال ترؤسه مهرجان المسرح الاردني والعربي السنوي ، ومع عرض لوحات الفنان العامري علي الشاشة ،اخذ الفنان العامري في الحديث عن لوحاته ووجهة نظره في المحور قائلا : ان معني الوطن في اللغة يعني كل مكان تنتمي اليه ،حتي لو لم تكن مولودا فيه ،... وهكذا ارتبط مفهوم المنفي كتجسيد مادي ومعنوي لفقدان الوطن ،وهذا الامر خلف مجموعة من التساؤلات والانثيالات الفنية في الفن والشعر والسرد وصولا الي المادة التلفزيونية والسينما اضافة الي الابعاد الاجتماعية والسياسية والفنية ، وفقدان الوطن المادي بكل مكوناته المشهدية والنفسية والذكريات ، وجود وتفاعل مركب في ثلاثية الزمان_المكان_الجماعة، بين ما كان وما هو كائن وما سيكون ،مما يضع التجربة الابداعية في مواجهة مجموعة من الاسئلة الوحدانية القلقة وعدم القدرة علي قراءة المستقبل ،كون المنفي اسهم في انتاج منظومة العماء في فهم المقاومة في اطار سيوسيولوجيا المنفي ... من هنا نري ما انتجه الفن التشكيلي من مفاهيم تتمحور حول حياكة الوطن في اللوحة او المنحوتة او المطبوعة الغرافيكية ،بل غاصت كثير من الاعمال في وحل التردي بحجة الوطن واحلامه الوردية ،فسقطت اللوحة الخالدة التي تبث منظومة التذكر والفعل الجمالي ،لنمكث في الارتطام بمادة تشبه البكاء والصراخ عل مشهد لوطن فقد .واضاف :ان الفنان الشموط استطاع من الافلات من الوقوع بالفعل الجرائدي ، الذي يمثل الوطن بالدم والرصاص والصراخ ، والابتعاد عن مفهوم الحياة كمادة الحب الثقافي بوصف الحب مثالا مهما للمقاومة وانتاج صورة الانسان الحضارية امام الاخر ،وهو نفس المنهج الذ اتخذه فنانون كبار لم يقعوا في فخ الجرائدية امثال . السجيني واحمد نوار وجواد سليم ومني حاطوم ومحمود مختار واخرين انحازوا للفعل الابداعي اولا للتعبير عن احلام الوطن .ثم تحدث عن تجربته مضيفا : كانت تجربتي ملاحة بصرية لتعبر عن حجم ما اختزلته الذاكرة من وطن احسه واقبض عليه بشكل يومي ،فكانت الارض هي الملاذ الوحيد لتشكيلاتي التجريدية ووجدتني فيها عاليا وعميقا .) المدارس الأوربية
عقب بعد ذلك ساهم مؤيد البصام في الحوار بالقول: الفن في وطننا العربي اخذ مراحل متعددة في تطوره ،وان حالة التخلف التي كان يرزح تحتها وطننا العربي في النصف الاول من القرن العشرين ،فرضت علي الفنان خطابا معينا كان مجاله الوحيد لبث افكاره ، فكانت الواقعية والانطباعية والتعبيرية هي المعبر الذي يتوافق مع المستوي الثقافي الجماهيري . ولكن امام تطورات التصوير الفوتوغرافي والكاميرا وما وصلت اليه من تكنولوجيا متطورة ،فرضت خطابا جديدا، ليس بفعل التأثر من المدارس الأوروبية التي سبقتنا بعقود عديدية ، ولكن بفعل الوعي الذي بدأ يسري في قطاعات كبيرة من مجتمعاتنا ولم يقتصر علي النخب كما كان سابقا ،وما قدماه الفنانان أسماعيل وتمام وقدمه الكثير من الفنانين العرب في مختلف الاقطار ، ولا ينسينا هذا مدي تأثير الفنان الشموط علي الفن الفلسطيني والاردني الذي كان يهيمن علي الساحة الفنية وحدد اطراها لفترة ليست بالقصيرة ،كانت أعمال هؤلاء الفنانين التي تمثل قمة الوعي الوطني والحس الإنساني في تصوير العلاقة بين الفنان وإحداث مجتمعه و شعبة ، وهو ما نجدة في تأثيرات محمود المختار علي الفن المصري و جواد سليم علي الفن العراقي و آخرين من الذين وضعوا بصماتهم في أقطار عربية أخري ، ولكن هذا يجعلنا نتساءل ، ان ما قدمه أولئك الفنانين و تأثيراتهم علي الساحة الفنية العربية ، هل يجب ان يبقي سائداً ؟ وهو ما يدعوني لتأييد ما جاء في مداخلة الفنان محمد العامري لمفهوم الوطن و الحس الوطني ليس عملة لوجه واحد ، ومشاعر الفنان حتي يحقق حضوراً ، بالتوقف عند الواقعية و التعبيرية ، و بعض الأحيان المباشرة . و قدم مدير الجلسة سؤالاً اعتراضياً للبصام . اذن كيف تصور ما يحدث في العراق من جرائم الاحتلال ؟ إن لم تأخذ بمناهج الواقعية و التعبيرية . رد البصام : إن إحساس الفنان بعمق الالتصاق مع قضايا شعبية هي التي تحدد الشكل الذي ينقل به القيم الجمالية ، و تتوافق مع ادراكاتة المعرفية لان ابسط كاميرا الان تقدم صور واقعية افضل من أي فنان ، مع الأخذ بنظر الاعتبار تطورات التصوير في القنوات التلفزيونية و الفضائية ثم تساءل نداء الياس : إن الأيدي البيضاء لا تستطيع ان تقاوم ، وان الفنان العامري تحدث عن الحب و الورد وهذه كلها أيادي بيضاء لا يمكن ان تعطي قضية . فهل يعني ان الغرب و تطوراته يجعلنا نحس بالعجز إمام المدارس التجريدية و نحن متأخرون عن المدارس الغربية حتي نلاحقها ، علماً ان الغربيين بدأوا يعيدون أنفسهم من جديد . وتحدث عيسي ذباح : ان مثل هذه الحوارات مهمة جداً و شيقة لتعميق الحس الوطني ، ولكن في الوطن العربي نفتقد الي هذا الحس الوطني لدي المواطن و بالأخص ما يرسم في وطننا العربي ، ليس هناك اعمال فنية تخص وطننا العربي ، انما اللوحات الفنية طراشات الوان (أي إعمال صباغين) و تساءلت سماح حجاوي : ما قصدكم بالحس الوطني و علاقتة بالفن ؟ جمالية اللوحة او العمل الفني من ناحية الثقافة البصرية ، هل هو يخاطب اناس معينين لانهم بعيدين عن الثقافة الغربية بينما كان رأي الفنان صالح ابو شندي : هناك فجوة بين الفنان و الجمهور ، لايعني ان الانسان الذي لايفهم الفن التجريدي ، انه ليس هناك فن ، إنا شخصياً ألوم أي فرد من الجمهور لايثقف نفسه ، الحس الوطني مكتب محبط ، ليس هناك حرية فردية. الفن مرن
الفنان هو الثوري الحقيقي ، بينما كان راي احمد سهيل : نحن لسنا ضد التجريد ، ولكن الوطن لايجرد، ان الفنان كويا صور الحرب الأهلية ، و ان الفنانين لم يصوروا كل شيء في فلسطين . و كان راي لميس عبودي : الفن مرن كثيراً ، بغض النظر عن الشخص الذي يعبر عن الوطن ، ليس ، أعمال شموط الاتعبيراً عن تاريخنا وردت الفنانة الأكحل قائلة : ان أعمال الفنان شموط و أعمالي هي تعبير عن المعاناة التي عشناها ، ومن الصعب علي الإنسان الذي لم يعش وقائع هذه المعاناة إن يتصورها، إن ما قمنا بة هو تصوير لنقل المأساة عبر اللوحة و الخط و اللون . وهذا إحساس لاتستطيع الكاميرا إن تنقله ، فالكاميرا تسجل وقائع و الفنان يعبر بمشاعر إنسانية عما يحدث . وعقب مقدم الجلسة د. مازن : إن الخطاب كما قلنا في البداية متعدد التأويلات و الوجوه فإننا نقف أمام قصاصات جرائد و خطوط لأعظم لوحة لبيكاسو (الحرانيكا) و هي تصوير تجريدي لحدث مأساوي . أعقبة الفنان محمد العامري : لم يتأسس القتال في المناطق الصخرية و القاسية وإنما تأسس القتال و المقاومة في الحب و الخضرة . محمود درويش قرأ قصائد في ألمانيا في الحب خالية من الصراخ ، جعل الجمهور الألماني يعجب به كونه أنسانا حضارياً يحمل قضيته ضمن الحب و الموسيقي ، و كذالك ادوارد سعيد ، فقد شكل الكيان الصهيوني لجان كثيرة لإيقاف محاضراته ، لان ما يطرحه خطير ، من خلال الطرح الحضاري لقضية الوطن بدون صراخ . و أضاف : التأمل الجمالي الذي ينقله الفنان علي لوحة أو في مقطوعته الشعرية أو كتاباته ، هي الأشكال التي تضيع علينا عندما لا نراها في النظرة الشمولية . الماء مع الحديد الموجود في الصخور أنتج صدأ . وهكذا فاني استثمرت في لوحاتي من خلال الرؤيا البصرية التي كنت أتعمق فيها مع الطبيعة لا اكتشاف ألون الطبيعة بحس تجريدي ، فهناك في أعمالي إشارات ، ألوان باردة و ألوان حارة من الأصفر و غيرها كلها أشارات : أحاول دائماً الوصول إلي الرؤية الجمالية التي تخلقها الأشياء ، للإحساس بعمق العلاقة بيني وبين الوطن . انه اختزال الذاكرة ، حيث تشكلت ذاكرتي البصرية من مساحات تشكيلات الغيم في ماءات الأغوار ، حيث رأيت في سماءاته الخيل و الثيران و الأساطير . كان واضحاً إن من خلال الحوار إن هناك وجهتي نظر الأولي التي تؤيد المضمون علي الشكل ، و إن الشكل يجب إن يتبع المضمون ، و الرأي الأخري هو عدم التوقف عند نقطة الصورة الشهيدة ، و إن الفن رسالة خطابها عالمي وأنساني واللغة الفنية لغة شمولية .وختم د.مازن عصفور الجلسة بالقول :الثنائية لا يمكن حسمها ويبقي طرحها منطويا بالمكان والزمان ومستوي الوعي لدي المتلقين وتطور أذواقهم |