في ذكرى ضحايا زلزال أرمينيا... سركيس طوسونيان يعرض فنّه في الإسكندرية |
المقاله تحت باب معارض تشكيلية يختلف فن النحت عن باقي الفنون التشكيلية، فهو من الفنون التي يمكن إدراكها عن طريق اللمس والحركة المجــسمة، وفــيه يشــكل النحات الأعمال بيديه التي هي أقدر الوســائل لنقل الحــس الفني العالي. ولا يتعامل الفنان مع الأشكال المسطحة مثل فن التصوير وإنما يقدم أشكالاً مجــسمة ذات أبــعاد ثــلاثية، فتتصل المتعة الفنية بجميع حواســنا ومــداركنا. واحتضن المركز الروسي للعلوم والثقافة في الإسكندرية أخيراً، معرضاً للفنان سركيس طوسونيان لمناسبة ذكرى ضحايا الزلزال الذي تعرضت له أرمينيا عام 1988 والذي أزال90 في المئة من معالم أهم مدنها، إذ ضرب مدينتي لينيناكان (كومري الآن) وسبيداك مــسبباً خــسائر هــائلة في الأرواح. حضر المعرض القنصل العام الروسي ومدير المركز الروسي للعلوم والــفنون ولــفيف مــن طــلاب الفنون الجميلة والمهتمين بالفن الراقي، وضم العديد من الأعــمال التي امتازت بالرقي والتميز والاستخدام المتقن للأدوات.ولم يتمسك الفنان بالقيم الأكاديمية المتعارف عليها، بل ترك العنان إلى قريحته المتقدة بحماس المبدع وخرج إلينا المعرض في أبهى صوره. يرى الفنان والناقد عصمت داوستاشي في حديثه لـ «الحياة» أن «سركيس فنان أرميني سكندري متميز جداً، وهو من أبرز النحاتين الذين أرجعوا الى النحت توهجه، فقد كان للنحت حضور قوي في النصف الاول من القرن الماضي ومرت عليه فترة انزوى فيها وتوارى». ويشير داوستاشي إلى أن جيل الشباب ومنهم سركيس، أعاد الى النحت الكثير من التميّز، فقد عادت التماثيل الى الميادين من جديد ومنها تمثال نجيب محفوظ الذي قدمه السيد عبده سليم وتمثال سعد باشا زغلول الذي قدمه حسن كامل وتمثال أم كلثوم وغيرها. ويوضح داوستاشي أن سركيس يعد واحداً من هذا الجيل النشط الذي قدم الكثير وهو فنان تعبيري وأعماله لها طابع خاص مميز، والإنسان هو محور أساسي لموضوعاته. ويميل طوسونيان لاستخدام البرونز كخامة لأعماله، كما يفضل الوضع الرأسي في معظم تصاميمه، فكل تماثيله تتخذ وضع الوقوف فهو فنان له حضور قوي على الساحة التشكيلية في الوقت الراهن كما أن له ملامح شديدة الخصوصية في شخصيته الفنية، أهمها علاقته بالخامة وهي في حالة الطبيعة البدائية وليس في حالة الصقل، ففي الحالة الأولى تكون معتمة وخشنة بينما بعد الصقل تكون لامعة ومضيئة ومشعة ومن هنا يظهر التأثير التعبيرى الذي يخدم العمل الفني. قدم الفنان سركيس طوسونيان 31 تمثالا من خامة البرونز وتمثالاً واحداً من البولي إستر. وتميزت التماثيل بتنوع أحجامها وأشكالها، إذ أن أصغرها طوله حوالى 20 سم وأكبرها يصل طوله إلى متر ونصف المتر. ومنها تمثال «انتصار الثقافة» الذي مثل العالم بأنثى والثقافة بالشال أو الرداء الذي ترتديه دلالة على نشر الثقافة والانفتاح في كل أنحاء العالم وتغلبها على قوى التخلف والجهل. ويقول طوسونيان: «أقدم في هذا المعرض عملاً واحداً من البولي إستر وهي نسخة من تمثال برونز أصلي وضع في مطار القاهرة الحديث والباقي من البرونز النقي، ولكل تمثال في هذا المعرض موضوع واسم منها «القيود» و «الحرية» و «الأمير» و «انتصار الثقافة» كما أن لكل مجموعة معنى خاص بها، وتشترك كل المعروضات في معنى رئيسي يحمل ذكرى ضحايا أقوى زلزال تعرضت له أرمينيا». ويرى طوسونيان أن كل فنان يحب استخدام الخامات القريبة له، التي تعبر عنه وعن فنه، وشارك الفنان الأرمني في العديد من المعارض المحلية والعالمية وآخرها صالون الخريف في فرنسا مع مجموعة فنانين. |