قلـق البدايـات عنـد عتبـات المغامـرة |
المقاله تحت باب أخبار و متابعات لوحة فاطمة مرتضى الهاجس التقني حاضر بقوة، وهو يلفت نظر زائر المعرض من الوهلة الأولى، حفر بالأسيد وعلى الخشب والحرير وعلى اللينوليوم. ومزيد من استخدام المواد اللونية المختلطة والمواد الغريبة التي تضاف إلى الألوان.
٥٤ لوحة، على الورق والقماش والخشب، بأحجام صغيرة ومتوسطة، لفنانتين شابتين هما فاطمة مرتضى وريما شحرور، معروضة في صالة البيت العلماني (الحمرا، المكحول)، لغاية ٢٥ تموز الجاري. المشترك في التجربتين هو الرسم، خصوصاً خطوط الحفر بالأسيد، الذي يتخذ منحى تعبيرياً، ويتشكل على مساحة صغيرة، وغالباً ما ينقل لنا عالم المرأة وتقلبات مزاجها. إذ تختطف كل من الفنانتين لحظة حضور مميزة للمرأة، فتجسدها بأسلوب يبتعد عن التكلف والخطوط الصارمة، ويقترب من التبسيط والعفوية المرتكزة على تجربة على قدر من التمكن، رغم قصرها، لكننا رأينا بعض المفردات الخطية تتكرر مع تنوع الموضوعات. تستغرق فاطمة مرتضى في رسم الوجوه والأوضاع المختلفة لشخصيات اللوحات، إلا أن ما هو واضح أن العملية الطباعية والهمّ المهني وهاجس النجاح التقني استطاعت أن تستحوذ على الفنانة، على حساب إطلاق مخيلتها، وقد استعاضت بالاختصار في العمل عن فتح آفاق التعبير وتصعيدها. بعض اللوحات القليلة لمرتضى تجعلنا ننتظر ما هو أبعد من المنهج التسجيلي المخفف أو المتخفف من بعض أحمال الشكل، لكن الفنانة، في أي حال، لا تريد أن تكون جديدة بالمعنى التغريبي، ولا تبحث عن تميّز، ذلك أنها، على ما يبدو، تريد أن تثبت قدرتها المهنية أولاً لتؤسس، ربما عليها مراحل أخرى. في حين أن ريما شحرور، ماشت هذه الفكرة في جزء من أعمالها، إلا أنها أرفقتها بمغامرتها الخاصة، أو انعطافها نحو البحث أو التجريب، الذي يتخطى التأسيس المهني في اتجاه البحث عن شخصية فنية، نلتقط بعض خطوطها، لا سيما في اللوحات التي دخلت بها تجربة التصوير اللوني، وقد رأينا ما هو قريب منها في مساهمة الفنانة نفسها في معرض متحف سرسق الأخير. تجربة شحرور لا تترك الشكل يتحكم بلوحتها، أو يضع لها حدوداً، بل تجعله في خدمة مخيلتها، ليس بطلاً إنما مفردة. إنها عملية تحقير للشكل في سبيل صناعة الفكرة أو قول ما هو داخل الفنانة لا ما هو خارجها، أو تصوير ما يجول في المخيلة، ولا بأس إذاً أن تحدث كل تلك التحولات التي تأخذ الوجه البشري إلى التداخل مع الحيواني أو مع الطبيعة والأشياء المستعارة من هنا وهناك. فاللوحة عندها حرة إلى درجة أن حدودها مفتوحة دائماً، وموضوعها مفتوح، وتقنيتها مفتوحة على استخدام كولاجات مختلفة إلى جانب الألوان، تساهم هي الأخرى في إزاحة الأشكال والتعابير والوقائع، وبالتالي تداخل الواقع بالخيال، والحقيقة بالوهم. إنها لوحة مفتوحة على تناسل الأشكال وانعطافاتها القاسية السريعة. فاطمة مرتضى بقيت عند عتبات المغامرة، كأنها خائفة من حدة الكسر مع المتداول والأكاديمي، في حين ركبت زميلتها ريما الجرأة واندفعت في رحلة التخطي والبحث المسكون بالقلق الفني. لوحة ريما شحرور |