تقطع «الالتباس» الذي كان «حائلاً» وتنهي جفوتها مع فن التماثيل... دمشق تطلق ملتقاها ال |
المقاله تحت باب أخبار و متابعات أقيم العديد من ملتقيات النحت في سورية، وبعضها جاء على مستوى عالمي مميز، وكان السؤال الذي يكرر على مسمع النحاتين السوريين القادمين، في اغلبهم، من دمشق، لماذا لا يقام ملتقى كبير للنحت في العاصمة السورية؟ وفي كواليس الاجابات كان الحديث يجرى عن «عوائق» تقف في وجه النحت وملتقياته في العاصمة، وكذلك عن مشاريع ملتقيات أجهضت. ونسبت اجابات بعض الناحتين تلك «العوائق» الى «طبيعة الثقافة المسيطرة، ورفض البعض للنحت الذي يعتبرونه تجسيداً للأصنام».
ويوم أمس قطعت دمشق هذا «الالتباس» باليقين، وأطلقت ملتقى النحت العالمي الاول فيها، برعاية وزارة الثقافة. يشارك في هذا الملتقى عشرون نحاتاً، ثمانية منهم سوريون ومثلهم من الأجانب وأربعة نحاتين عرب. ويستمر الملتقى من 7 تموز (يوليو) وحتى 31 منه. وسيقام في الهواء الطلق، على كتف نهر بردى في أرض مدينة المعارض القديمة. ويوضح رئيس اللجنة المنظمة للملتقى، والمشارك فيه، النحات السوري اكثم عبدالحميد، ان لا عنوان محدداً يجمع الأعمال النحتية التي سيتم تنفيذها، ولكن «اخترنا ان يكون الموضوع حراً، على ان يعبر كل فنان عن رؤيته الخاصة لدمشق»، بمعنى ان انطباعات الفنانين عن المدينة ستكون العنوان العريض لشغلهم. وازاء شكوى بعض النحاتين سابقاً، من قصر مدة الملتقيات النحتية، على رغم انها كانت تستمر لشهر أو أكثر قليلاً، وخصوصاً ان ملتقى دمشق يقتصر على 24 يوماً، أشار عبد الحميد في المؤتمر الصحافي الذي أطلق الملتقى امس الى ان «مدة الملتقى تأخذ في الحسبان حجم الكتل الرخامية التي سيعمل عليها الفنانون، وباعتقادنا ان هذه المدة تكفي لانجاز منحوتات من كتل لا يتجاوز ارتقاعها 3 أمتار، ليكون العمل جدياً وليس لعباً». ويلفت عبد الحميد أيضاً الى ان «المعيار الأساسي لاختيار الفنانين المشاركين هو سمعتهم النحتية». ورداً على سؤال حول أسباب تأخر اطلاق ملتقى عالمي للنحت في دمشق، واذا كان لتقاليد المجتمع وثقافته دور في ذلك، قال عبدالحميد: «المهم الآن ان المشوار بدأ، ونأمل بأن يستمر وألا ينقطع»، وأضاف: «المواطن السوري متحضر، دمشق ليست أفغانستان أو كابول» في تلميح الى قيام جماعات هناك بتحطيم التماثيل والأعمال الفنية. لكن النحات السوري مصطفى علي الذي يشارك في الملتقى، يلقي الضوء على أسباب تأخر دمشق عن ملتقيات النحت، موضحاً ان «هناك اجراءات ادارية، وبعض الالتباس في المفهوم التاريخي للعمل الفني بين المنحوتة وبين الصنم (...) وهناك جهات مسؤولة تأخذ قليلاً بهذا الاعتبار»، ويضيف: «المشكلة اننا نفاجأ أحياناً بمثقف لا يزال هذا التساؤل (حول الفرق بين المنحوتة والصنم) قائماً لديه، وهناك من يقول ان التمثال والعمل الفني غير موجودين في تاريخنا»، ويرد النحات السوري على «الالتباس» الذي يدعوه «بدعة» بالقول: «أنا أجزم بأن العمل الفني ليس له علاقة أبداً بالمحرمات، وهو موجود في تاريخنا قبل الاسلام وبعده». لكن مصطفى علي يؤكد ايضاً ان هذا «الالتباس لا يزال موجوداً»، ويتساءل، مع كثيرين غيره: «في السنوات الأخيرة وزعت مجموعة من الأعمال النحتية وسط دمشق، على رصيف الشارع المحاذي لبردى، وتفاءلنا بهذه الخطوة، لكن أخيراً وفجأة.. اختفت هذه الأعمال النحتية، لماذا يا ترى؟». ومن المفترض ان توزع الأعمال النحتية التي سينفذها الفنانون، خلال ملتقى دمشق، في حديقة دار الأوبرا السورية، وأماكن أخرى تختارها محافظة دمشق. ويقول اكسم عبد الحميد ان من اهداف الملتقى اضافة الى تبادل الخبرات بين المشاركين «تحريك الثقافة البصرية لدى السوريين عبر المشاهدة اليومية لقطع الرخام وهي تتطور عبر أزاميل النحاتين لتأخذ مسارها الجمالي الأخير، وتدخل في الذاكرة التاريخية لدمشق». ومن النحاتين الاجانب المشاركين الاسباني ميخيل ايزلا ومواطنه ناندو الفاريز، فرانكو داغا (إيطاليا)، هوانغ سيينغ - وو (كوريا الشمالية)، بيتر بوريسوف بيتروف (بلغاريا)، انتونيس ميروديس (اليونان)، بولاند ماير (ألمانيا)، طاهر شيخولهوكامي (إيران). أما النحاتون العرب فهم اكرام كباج (المغرب)، علي المحاميد (البحرين)، هاني محمد فيصل (مصر) وزكي سلام (فلسطين)، ويشارك أيضاً من النحاتين السوريين عبد الرحمن مؤقت، محمد بعجانو، أبي حاطوم، فؤاد أبو عساف، عماد الدين كحسوت واياد منيف البلال. |