لوحات فنية تستعرض ملامح من السيرة النبوية العطرة

المقاله تحت باب  أخبار و متابعات
في 
27/08/2009 06:00 AM
GMT



"رؤية تشكيليبة للسيرة النبوية".. فكرة جديدة ومبتكرة أقدم على تنفيذها الفنان المصري طاهر عبد العظيم من خلال عمل بانورامي ضخم بطول 16 متر، إضافة إلى مجموعة أخرى من الأعمال الأقل حجما ومساحة تم عرضها مؤخرا في قاعة إيزيس للفنون بالقاهرة تحت رعاية قطاع الفنون التشكيلية المصري ومباركة الدكتور علي جمعة مفتي جمهورية مصر العربية.

تستعرض الأعمال المعروضة ملامح من السيرة النبوية العطرة بداية من حادثة الفيل الشهيرة بقيادة أبرهة الأشرم إلى ميلاد النبي صلى الله عليه وسلم، إضافة إلى ملامح من شكل الحياة بما تضمنته من طريقة بناء وملابس وغيرها من التفاصيل الحياتية الأخرى للمجتمع فى تلك الفترة.

لم يكن الأمر سهلا على الإطلاق للوصول إلى تلك النتيجة التي لقيت ترحيبا من كافة الأوساط وإهتماما إعلاميا كبيرا فهناك خلف العمل والمجهود الذي بذل في إنجازه جهد آخر سبق عملية الإبداع، جهد في البحث والتنقيب عن التفاصيل والملامح الخاصة بتلك الفترة بدءا من أشكال الأصنام التى كان ينصبها العرب حول الكعبة إلى طريقة الملبس ومقاييس الكعبة المشرفة، إلى جانب استقصاء الدقة في تفاصيل السيرة النبوية والإلمام بكل صغيرة وكبيرة متعلقة بها وهو الأمر الذي دفع الفنان كما يقول إلى الإلتجاء إلى الأزهر الشريف وعلمائه الأجلاء وعدم الإكتفاء بالقراءات الشخصية وحدها.

ولأن الأمر في حاجة إلى مزيد من الإضاءة حول الفكرة والصعوبات التي واجهت الفنان أثناء تنفيذها كان علينا لقاءه حتى نتعرف أكثر على هذه الفكرة من البداية: لقد كانت الرسوم المسيئة للرسول هي أكثر الأشياء التي أثارت الفنان طاهر عبد العظيم ودفعته إلى التفكير في هذا الأمر حيث يقول: "في وقت الأزمة التي أثيرت حول الرسوم المسيئة للرسول الكريم سارع البعض إلى وضع حضارتنا الإسلامية باعتبارها حضارة متخلفة أمام الحضارة الغربية المتقدمة ليجهض بذلك أي دعوات إلى الحوار بين الحضارتين إلا إذا كان يقصد بالحوار الهيمنة والغزو الثقافي لا التفاعل الذي هو عبارة عن حوار بين ثقافتين على أرض واحدة، وأهم ما في هذا الحوار أن يكون متكافئا من حيث التأثير والتأثر بحيث لا يستبيح أحدهما الآخر أو يجور عليه، لذا فقد شعرت بالحاجة إلى إحياء أصول هذه الحضارة وأهمها السنة النبوية التي تتعرض لهجمة تتارية تغذيها نزعة غربية للتطرف وكان تقديري أن هناك خلطا وعدم فهم ولابد من الإهتمام بثقافتنا أولا قبل الدخول في أي حوارات أو تفاعلات مع الآخر وتاريخنا يشهد لنا بأننا كنا دائما سباقين إلى التفاعل والحوار، ولعل النموذج الواضح في التاريخ هو فترة الحكم الإسلامي للأندلس وذلك التقارب الذي شهدته هذه المنطقة من العالم بين الثقافة العربية الإسلامية والثقافة اللاتينية في أوروبا، لذا شعرت أنه من الضرورة الدفاع عن هذه الهوية والرد على تلك الرسوم المسيئة ولم أجد طريقة أكثر تحضرا من الرد بنفس الأسلوب ولم يكن هناك أبلغ من الرد بسيرة الرسول الأعظم الذي حاولو الإساءة إليه".

ويضيف الفنان: "كما أن هناك إشكالية أخرى حاولت الرد عليها من خلال العمل وهو ما يراه البعض من ضرورة نزع الهوية الوطنية والدينية عن الفنان والتعامل معه باعتباره منزوعا من ثقافته على اعتبار أن ذلك ضرورة لضمان حرية الفنان، ولأنني ضد هذا الرأي فقد زاد حماسي لهذه الفكرة حتى أثبت أن الفن لا يتعارض مع التوجه الثقافي والديني للفنان، فتاريخ الفن مرتبط ارتباطا وثيقا بالدين بل أن هناك من يرى أن تاريخ الفن هو تقريبا تاريخ الأديان".

* وكيف تم البدأ في تنفيذ هذه الفكرة؟
- البداية كانت بقراءات في كتب دينية متعلقة بالسيرة منها ما هو مخالف ويخضع لوجهات نظر مختلفة عن المرجعيات الإسلامية ومنها ما هو مطابق، فكانت فكرة اللجوء إلى دار الإفتاء لحسم الأمور المختلف عليها تاريخيا وشرعيا، حينها قرأت بالصدفة مقال للشيخ علي جمعة بعنوان "تجديد عرض السيرة النبوية يجب أن يكون مشروع الأمة كلها" وأحسست حينها أنه يكتبها لمشروعي فاتخذت القرار بزيارت في دار الإفتاء، وفي هذه الأثناء كنت قد بدأت عمل اسكتشات وبدأت بالفعل في تنفيذ مساحة كبيرة بعد كثير من القراءات التي جعلتني أتعايش مع الأحداث، وحين التقيت بالشيخ علي جمعة أدهشني استقباله وترحيبه الشديد بالفكرة حتى أنه خصص لي أحد العلماء الأفاضل ليكون عونا لي فيما يتعلق بالفاصيل المرتبطة بالسيرة وأحداثها.

* ما هي الصعوبات التي واجهتك في تنفيذ الفكرة حتى وصلت إلى النور؟
- كان هناك تفاصيل كثيرة عليّ الإلمام بها من حيث الشكل فلقد عرفت على سبيل المثال أن عدد الأصنام حول الكعبة كان يزيد على الثلاثمائة صنم يمثل كل واحد منهم قبيلة من القبائل وكان يوضع بجوار الكعبة، وكانت هذه الأصنام رغم كونها مختلفة الأشكال إلا أنها كانت ذات سمات واحدة وتشترك في أن العين واسعة ودائرية وكذلك اليد اليمنى فوق اليد اليسرى والإثنين على الصدر ومنها ما يلبس جلبابا طويلا أو قصيرا يصل إلى تحت الركبة. ولكن من ناحية أخرى كانت هناك صعوبات بالغة في التعرف على العديد من التفاصيل الأخرى المتعلقة بالملبس وشكل العمارة وغير ذلك من المكملات مما جعل العمل يعتمد في الأساس على الخيال لتصور الأحداث.

* وماذا عن الأسلوب الذى تم اتباعه في تنفيذ اللوحات؟
- أنا كفنان أتعامل مع كل الخامات والألوان والأسلوب الذي أفضله هو استخدام خامة الألوان الزيتية بواسطة السكين لكن أسلوب الرسم بالسكين يعتمد في الدرجة الأولى على التلخيص كما يعتمد على الإنطباع التلقائي، أما في هذا العمل فقد وجدت أن أسلوب التناول باستخدام الفرشاة قد يساعد على تحقيق الأهداف المرجوة من العمل بشكل أفضل وأسهل على التقبل للمتذوق العادي.

* كم من الوقت استغرق العمل في هذا المشروع وهل هناك نية للعمل على نفس الفكرة مستقبلا؟
- استغرق هذا المشروع منذ بداية الفكرة حتى عرض الأعمال مدة سنة ونصف تقريبا، وأنا أعتبر هذا العمل بمثابة نقطة بداية لمشروع طويل.. فأنا أطمح إلى عمل متحف خاص بالأحداث العظيمة للسيرة النبوية بطريقة تتماشى مع معطيات العصر والتكنولوجيا الحديثة من ميديا بإختلاف وسائطها كعروض الصوت والضوء والنماذج المجسمة، وأعمال الكمبيوتر ثلاثية الأبعاد، والرؤى الفنية الأخرى التي تجذب الصغار والكبار.