كاميرا هاني حوراني تكشـف عن الجمالية النائمة في التفاصيل |
المقاله تحت باب مقالات بعين ثاقبة واحساس مرهف بالحياة استطاع الباحث والفنان هاني حوراني تحويل الصورة الى"اليومي"و"العادي"وهو ما فعله في معرضه المقام في مركز رؤى للفنون ، والذي افتتحه الدكتور عمر الرزاز مدير عام مؤسسة الضمان الاجتماعي. الاماكن مختلفة والعين ذاتها التي طافت بها واصطادتها في كاميرا الروح قبل ان تحاصرها عدسة الكاميرا التي صارت جزء من هوايته. رسوم الشوارع المهملة والشبابيك والعشوائيات التي طالما اهملتها العين وتجاوزها العادي واليومي والزخارف الهاربة من زوايا الاحداق وبيوت السلط والقوارب القديمة ورقصات الصوفيين توزعت على قطع القماش بعد ان طبعها الفنان الحوراني عليها ضمن تقنية عالية. كذلك كان انعكاس الماء والبتراء وصخورها"شيئا" من مالطة التي بدت قريبة وغيرها جاء بها هاني الحوراني الى معرضه. يركز المعرض كما يحمل اسمه ، على التفاصيل ، وتتخذ معظم الاعمال الفوتوغرافية شكل جداريات كبيرة ومتوسطة الحجم ، مؤلفة من عدد كبير من الوحدات ، التي تصل أحياناً إلى خمسين قطعة ، هذا اضافة إلى صور منفردة ملونة وبالأبيض والأسود. يمثل هذا المعرض الرقم 13 من سلسلة المعارض الشخصية لهاني الحوراني والتي أقامها منذ عام 1996 ، حيث عرضت في عدد من العواصم والمدن العربية والاجنبية أبرزها عمان ، حلب ، الدوحة والقاهرة وجوتنبيرج وواشنطن. هذا بالاضافة إلى مشاركته الاخيرة بجداريتين بعنوان "الآخر" في بينالي القاهرة الدولي الذي افتتح في كانون أول ـ 2008 واستمر حتى شباط ـ ,2009 يُعنى هاني حوراني بالتفاصيل في أعماله الفوتوغرافية ، حيث غالباً ما يركز على اختيار اللقطات المقربة للأشياء التي تلفت نظره. ولا سيما سطوح الأشياء وملمسها ، حيث يحتفى بالتفاصيل التي قلما تلفت انتباه المشاهد العادي ، لا لشئ سوى لانصرافه البصري إلى ما هو عام وقابل للقراءة والتوصيف والتفسير. وإذا كان المشاهد العادي ينصرف إلى "رؤية الغابة لا شجرة بعينها" ، فإن عين المصور تبحث أكثر عن التفصيل الذي يختزل الغابة ، أي عن الشجرة. وهكذا هو حاله في المدينة ، حيث للتفاصيل على الجدران أهمية أكبر مما هي للمنازل أو الشوارع أو المشاهد العامة للمدينة. وقد ظهر احتفاء هاني الحوراني بالتفاصيل في معارض سابقة من خلال التقاطه صور مقدمات القوارب أو تفاصيل سطوحها الخشبية ، أو انعكساتها على الماء أكثر من اهتمامه بأجسامها الطافية على سطح الماء. لا يحتوي معرض هاني حوراني الجديد على فكرة واحدة بقدر ما يركز على التنوع الهائل للتفاصيل في حياتنا ومن حولنا. ولا يقل أهمية عن ذلك طريقة تنفيذه لأعماله الجدارية من خلال تقطيعها إلى وحدات منتظمة بارزة ، يقطعها الفراغ الذي يضفي على الصور نوعاً من الخداع البصري ، فهي تبدو واحدة رغم تباعد أجزائها عن بعضها البعض ، مستفيداً من العمق ما بين كل واحدة من أجزاء جدارياته. ميزة أخرى للصورة الفوتوغرافية في معرض "تفاصيل" هو تحريرها من الاطار وأشكال التأطير التقليدية ، اضافة إلى تنوع احجام وأشكال الصور ، وابتعادها عن القياسات التقليدية وتجسيمها من خلال عرضها على سطوح صناديق متعددة القياسات والسماكات. هذا اضافة الى استخدام مواد مختلفة للطباعة مثل الورق والقماش وغيرها من المواد. يذكر ان هاني حوراني فنان تشكيلي من جيل الستينات ، انصرف لأكثر من عقدين عن الرسم ، حيث انشغل بالعمل السياسي والبحثي قبل أن يعاود عرض أعماله مع مطلع التسعينات. وبعد معرض وحيد لأعماله المائية في عام 1993 ، اكتفى بعرض أعماله الفوتوغراقية من دون لوحاته ، رغم مواصلته الرسم خلال العقدين الأخيرين. وغالباً ما يصف اسلوبه في التصوير "بالرسم من خلال عدسة الكاميرا". وهو أحياناً يلجأ إلى اضافة الألوان والمواد المختلفة إلى صوره الفوتوغرافية. والفنان هاني الحوراني من مواليد الزرقاء ، عام 1945 ، وقد تلقى تعليمه الجامعي في العلوم السياسية في الجامعة الأردنية التي تخرج منها عام 1970 ، قبل أن يحترف العمل الصحفي والسياسي والبحثي لمدة ثلاثة عقود ، وقد تلقى دورات في الرسم والتصوير الضوئي في عمان وبيروت وموسكو. |