رسوم هدير ألبقالي بين صخب الروح وسكونية المحيط |
المقاله تحت باب مقالات المنحى التجريدي ظاهرة طاغية في مجمل عموم المنجز التشكيلي العربي، من خلال تشعب طرق أدائها وتعدد أزمنتها وبما يوائم أمزجة مشتغليها. وان التبس فهم هذه الظاهرة(ما عدى استغلالها) من خلال تواشج منطقتها التعبيرية وفاعلية افتراضية هدفها تفعيل مفرداتها بموازاة مستويات متعددة وبما يساعد على تكريسها ظاهرة يراد لها أن تمارس طغيانها رغم تآكل أزمنتها. وبالرغم من أن التجريد كما عرفناه في التجارب التشكيلية الغربية أصبح الآن في عداد كلاسيكيات الحداثة المتأخرة. إلا أن شرك إغراءات ممارساته وبما توفره تقنيات المواد الصباغية المساعدة ومفاجاتها السارة، هي التي أسرت الكثير من تشكيلينا وبات من الصعوبة عليهم تجاوز ممارساتها الأدائية.
ما تفعله الفنانة التشكيلية البحرينية(هدير ألبقالي) في رسوماتها ما هو إلا نوع من محاولات لتجاوز هذا التكريس ألممارساتي للأداء التجريدي التعبيري، من خلال تفكيك لبعض عناصره وإقحام عناصر أخرى (كاليغرافية تشخيصية مبتسرة و انطباعية فضائية) لتشكل بالتالي منطقة(حوار- تصادم) قابلة للتوائم ومعالجاتها اللونية. حين رؤيتي لبعض من صور أعمالها(رغم ما في صور الأعمال التشكيلية من خلل الرؤية وإعاقة للحكم النقدي، إلا إني هنا أكرس عناصر العمل وإشغال المخيلة للوصول إلى حكم ما) مع ذلك، فاني اشعر بان لدى هذه الفنانة رغبة عارمة للإفصاح عن عالمها الصوري، وهي التي تعيشه بتفاصيله البيئية والذاتية، وبحوافز محركات دلالات ثقافية. لكنها تخفي أو تكبت أو تحجم عن إظهار شكلية هذه العوالم. ربما لتأثرها بالخطاب التشكيلي العربي الذي ساد منذ بداية سبعينيات القرن الماضي والذي كرس مخارج تراثية للمنحى التجريدي الغربي مستخلصا منه بعده الواحد، والذي بقي واحدا منفردا من دون زحزحة رقمه. وان كنت افترض هذا التأثر في رسومات هدير، فليس معنى ذلك أن أعمالها تكرس هذا المنحى بشكل مطلق. رغم طغيان هذا الخطاب التشكيلي المكرس فاعليته لعدم تجاوز هذه المنطقة الأدائية أو ما يجاورها. في بداية الستينات من القرن المنصرم كان طالب فن بحريني يدرس في معهد بغداد الفني، وكان اسم هذا الطالب(حسين السني) إن لم تخني الذاكرة. لم أجد بعد ذلك الزمن تأثر واضح لرسوماته في منجز التشكيليين البحرينيين( حسب اطلاعي المتواضع، وربما أكون خاطئ). سبب استقصائي يكمن في أن هذا الفنان كان يمتلك مقدرة أكاديمية(وانطباعية) واضحة. ولو علمنا أن هذه المقدرة التي امتلكها التشكيليون العراقيون الرواد هي التي أشادت اللبنة الأولى للحداثة التشكيلية العراقية. لذلك اعتقد بان هذا الانقطاع الحداثي (مع حساب أزمنته) هو الذي اكسب التشكيل الخليجي عموما حيرة التشتت ما بين أساليب الحداثة وما بعدها. وفي نفس الوقت فسح المجال أمامهم واسعا لممارسة حرية أوسع مما لدى نظرائهم في البلدان العربية المؤسسة للحداثة التشكيلية(التي أصبحت أخيرا تتماها ومكتسباتها). هذا لا يعني أن كل ما ينتج من أعمال خاضع لمعايير التقييم لدول منشأ هذه المدارس. واعتقد بان التشكيليين الخليجيين لو امتلكوا حريتهم الأدائية الفردية الخاصة بعيدا عن الأيديولوجيا بكل أنواعها وضغوط السوق( وهي ضغوط عامة أو معممة في الوسط التشكيلي العربي وبدرجات متفاوتة) لأقترب نتاجهم من معاصرة زمنه. مع الانتباه للإعاقة الرومانسية للخيال السريالي والذي لا يتعدى سريالية تأقلم البداوة ثيمة مدنية والتي ربما تجاوزوها. ويبدو أن الفنانة هدير ألبقالي من جيل بحريني جديد تجاوز محنة التأقلم وخطاب البعد الواحد.
المنحى التجريدي ظاهرة طاغية في مجمل عموم المنجز التشكيلي العربي، من خلال تشعب طرق أدائها وتعدد أزمنتها وبما يوائم أمزجة مشتغليها. وان التبس فهم هذه الظاهرة(ما عدى استغلالها) من خلال تواشج منطقتها التعبيرية وفاعلية افتراضية هدفها تفعيل مفرداتها بموازاة مستويات متعددة وبما يساعد على تكريسها ظاهرة يراد لها أن تمارس طغيانها رغم تآكل أزمنتها. وبالرغم من أن التجريد كما عرفناه في التجارب التشكيلية الغربية أصبح الآن في عداد كلاسيكيات الحداثة المتأخرة. إلا أن شرك إغراءات ممارساته وبما توفره تقنيات المواد الصباغية المساعدة ومفاجاتها السارة، هي التي أسرت الكثير من تشكيلينا وبات من الصعوبة عليهم تجاوز ممارساتها الأدائية. ما تفعله الفنانة التشكيلية البحرينية(هدير ألبقالي) في رسوماتها ما هو إلا نوع من محاولات لتجاوز هذا التكريس ألممارساتي للأداء التجريدي التعبيري، من خلال تفكيك لبعض عناصره وإقحام عناصر أخرى (كاليغرافية تشخيصية مبتسرة و انطباعية فضائية) لتشكل بالتالي منطقة(حوار- تصادم) قابلة للتوائم ومعالجاتها اللونية. حين رؤيتي لبعض من صور أعمالها(رغم ما في صور الأعمال التشكيلية من خلل الرؤية وإعاقة للحكم النقدي، إلا إني هنا أكرس عناصر العمل وإشغال المخيلة للوصول إلى حكم ما) مع ذلك، فاني اشعر بان لدى هذه الفنانة رغبة عارمة للإفصاح عن عالمها الصوري، وهي التي تعيشه بتفاصيله البيئية والذاتية، وبحوافز محركات دلالات ثقافية. لكنها تخفي أو تكبت أو تحجم عن إظهار شكلية هذه العوالم. ربما لتأثرها بالخطاب التشكيلي العربي الذي ساد منذ بداية سبعينيات القرن الماضي والذي كرس مخارج تراثية للمنحى التجريدي الغربي مستخلصا منه بعده الواحد، والذي بقي واحدا منفردا من دون زحزحة رقمه. وان كنت افترض هذا التأثر في رسومات هدير، فليس معنى ذلك أن أعمالها تكرس هذا المنحى بشكل مطلق. رغم طغيان هذا الخطاب التشكيلي المكرس فاعليته لعدم تجاوز هذه المنطقة الأدائية أو ما يجاورها. في بداية الستينات من القرن المنصرم كان طالب فن بحريني يدرس في معهد بغداد الفني، وكان اسم هذا الطالب(حسين السني) إن لم تخني الذاكرة. لم أجد بعد ذلك الزمن تأثر واضح لرسوماته في منجز التشكيليين البحرينيين( حسب اطلاعي المتواضع، وربما أكون خاطئ). سبب استقصائي يكمن في أن هذا الفنان كان يمتلك مقدرة أكاديمية(وانطباعية) واضحة. ولو علمنا أن هذه المقدرة التي امتلكها التشكيليون العراقيون الرواد هي التي أشادت اللبنة الأولى للحداثة التشكيلية العراقية. لذلك اعتقد بان هذا الانقطاع الحداثي (مع حساب أزمنته) هو الذي اكسب التشكيل الخليجي عموما حيرة التشتت ما بين أساليب الحداثة وما بعدها. وفي نفس الوقت فسح المجال أمامهم واسعا لممارسة حرية أوسع مما لدى نظرائهم في البلدان العربية المؤسسة للحداثة التشكيلية(التي أصبحت أخيرا تتماها ومكتسباتها). هذا لا يعني أن كل ما ينتج من أعمال خاضع لمعايير التقييم لدول منشأ هذه المدارس. واعتقد بان التشكيليين الخليجيين لو امتلكوا حريتهم الأدائية الفردية الخاصة بعيدا عن الأيديولوجيا بكل أنواعها وضغوط السوق( وهي ضغوط عامة أو معممة في الوسط التشكيلي العربي وبدرجات متفاوتة) لأقترب نتاجهم من معاصرة زمنه. مع الانتباه للإعاقة الرومانسية للخيال السريالي والذي لا يتعدى سريالية تأقلم البداوة ثيمة مدنية والتي ربما تجاوزوها. ويبدو أن الفنانة هدير ألبقالي من جيل بحريني جديد تجاوز محنة التأقلم وخطاب البعد الواحد. رغم كون رسومات هدير تشير إلى انتماء شبحي للتجريدية التعبيرية، إلا أني أجده انتماء مظهري فقط يبين عن ولع كاليغرافي يوحي بنوايا اشتغالها على التخطيط الأولي و باكتضاض التفاصيل التي تحاول إلغاء مظهرية إشكالها أو محاذاتها من دون الإمساك بثقل هيكليتها ولما يكرس خفة تقع على الضد مما يجاورها من ثقل فضاءات أرضية وما بين الشد والجذب، الخفة والثقل. تحاول هذه الرسومات بناء توازناتها. توازنات هي محايثة لما يحدث في اغوار (الجسد-النفس). فان كانت الأرض جسدا يتمتع بثقله الفيزياوي(فظاءاتها)، فان النفس على النقيض من ذلك تتمع بميزة خفتها رغم اكتضاض محركاتها. وحتى لو اشتغلت الفنانة أعمالها بنوايا التشخيص. فان نتائجها تبقى محافظة على مجال نأي يعيق إبراز وضوح المعالم لصالح اكتضاض أجسادها بتفاصيل مستعارة من جسد جمعي تتعدى أعضاءه المألوف الفردي. وان كانت الفنانة تحاول التخفي خلف تفاصيل رسوماتها الإيحائية، فان هذا التخفي لا ينفصل عن مسيرة ثقافة الجسد الشرقي المغلف بخطاباته الأثرية. ولم تكن اختياراتها الأسلوبية التي نفذت بها رسوماتها إلا مرادفا لنوازع التخفي هذه رغم حوافز الإفصاح الملحاحة. ثلاثة رسوم صغيرة أخرى تشير كتلها إلى هيكلية أنثوية. مع تمتع هذه الرسوم بكل ميزات رسومها. إلا أن الاختلاف يبين من خلال اشتغالها على المفردة الجسدية المنطوية على نفسها. ورغم كل تفاصيلها التي بثها ولعها الحركي( الكاليغرافي) في عموم هذه الأجساد، ألا أن ثم غربة ما تكرس وحشتها الطوطمية لم تنفع في التخفيف عنها حتى زخرفة بعض أرديتها، بل زادت من حدة تعرية هذه الوحدة. .أجساد نذرت لأزمنة مؤجلة بنوايا انتظارات عبثية، حفرت ملامحها أخاديد مظلة، وكرس محيطها الكفافي عزلتها. على الضد من أعمالها السابقة التي تحاثت فظاءاتها البيئية ومكونات كتلها الخطية الدلالية. وان كانت الحركة الخطية تمارس حريتها وتندس أحيانا بين ذرات الفضاءات المحايثة في رسوماتها الأولى. فهي في الثانية تبدو مقيدة ومضغوطة لحد التململ الذي انسل إلى أجسادها، مثلما بان في حالة السكون المزعزع بهيكلة الوثوب. تختزن هذه الرسوم في مظهريتها(الأيقونية)تاريخ العبث الجسدي الأثري. وتاريخ عزلته أو انتظاره للمجهول. لقد توفقت الفنانة هدير في هذه الأعمال بجمعها خيوط أسلوبية متقاطعة ودلالات متعددة، وبين سكونية فضائية وحركية ديناميكية وبين ترديدات الروح والكون. كما لم تختفي في أعمالها لمسة التشكيل النسوي الخفية. هل هو صخب الروح، أم قلق، أم خوف من فقد الكون توازنه، أم خوف البوح، أو التوه أو الظلال. يقود رعشة اليد لعبث التخبط أو التنقل ما بين احافير الخطوط وعزلها أو احتدامها. أو هو كل ذلك حين تستلم أنامل اليد رعشة القلب تديونا صاخبا.. هي كل ذلك في أعمال هذه الفنانة المؤرقة بنوايا التجاوز المثقل بإيحاءات ثقافية والتي تثقل العمل أحيانا بتفاصيل صخبها. رغم كون رسومات هدير تشير إلى انتماء شبحي للتجريدية التعبيرية، إلا أني أجده انتماء مظهري فقط يبين عن ولع كاليغرافي يوحي بنوايا اشتغالها على التخطيط الأولي و باكتضاض التفاصيل التي تحاول إلغاء مظهرية إشكالها أو محاذاتها من دون الإمساك بثقل هيكليتها ولما يكرس خفة تقع على الضد مما يجاورها من ثقل فضاءات أرضية وما بين الشد والجذب، الخفة والثقل. تحاول هذه الرسومات بناء توازناتها. توازنات هي محايثة لما يحدث في اغوار (الجسد-النفس). فان كانت الأرض جسدا يتمتع بثقله الفيزياوي(فظاءاتها)، فان النفس على النقيض من ذلك تتمع بميزة خفتها رغم اكتضاض محركاتها. وحتى لو اشتغلت الفنانة أعمالها بنوايا التشخيص. فان نتائجها تبقى محافظة على مجال نأي يعيق إبراز وضوح المعالم لصالح اكتضاض أجسادها بتفاصيل مستعارة من جسد جمعي تتعدى أعضاءه المألوف الفردي. وان كانت الفنانة تحاول التخفي خلف تفاصيل رسوماتها الإيحائية، فان هذا التخفي لا ينفصل عن مسيرة ثقافة الجسد الشرقي المغلف بخطاباته الأثرية. ولم تكن اختياراتها الأسلوبية التي نفذت بها رسوماتها إلا مرادفا لنوازع التخفي هذه رغم حوافز الإفصاح الملحاحة. ثلاثة رسوم صغيرة أخرى تشير كتلها إلى هيكلية أنثوية. مع تمتع هذه الرسوم بكل ميزات رسومها. إلا أن الاختلاف يبين من خلال اشتغالها على المفردة الجسدية المنطوية على نفسها. ورغم كل تفاصيلها التي بثها ولعها الحركي( الكاليغرافي) في عموم هذه الأجساد، ألا أن ثم غربة ما تكرس وحشتها الطوطمية لم تنفع في التخفيف عنها حتى زخرفة بعض أرديتها، بل زادت من حدة تعرية هذه الوحدة. .أجساد نذرت لأزمنة مؤجلة بنوايا انتظارات عبثية، حفرت ملامحها أخاديد مظلة، وكرس محيطها الكفافي عزلتها. على الضد من أعمالها السابقة التي تحاثت فظاءاتها البيئية ومكونات كتلها الخطية الدلالية. وان كانت الحركة الخطية تمارس حريتها وتندس أحيانا بين ذرات الفضاءات المحايثة في رسوماتها الأولى. فهي في الثانية تبدو مقيدة ومضغوطة لحد التململ الذي انسل إلى أجسادها، مثلما بان في حالة السكون المزعزع بهيكلة الوثوب. تختزن هذه الرسوم في مظهريتها(الأيقونية)تاريخ العبث الجسدي الأثري. وتاريخ عزلته أو انتظاره للمجهول. لقد توفقت الفنانة هدير في هذه الأعمال بجمعها خيوط أسلوبية متقاطعة ودلالات متعددة، وبين سكونية فضائية وحركية ديناميكية وبين ترديدات الروح والكون. كما لم تختفي في أعمالها لمسة التشكيل النسوي الخفية. هل هو صخب الروح، أم قلق، أم خوف من فقد الكون توازنه، أم خوف البوح، أو التوه أو الظلال. يقود رعشة اليد لعبث التخبط أو التنقل ما بين احافير الخطوط وعزلها أو احتدامها. أو هو كل ذلك حين تستلم أنامل اليد رعشة القلب تديونا صاخبا.. هي كل ذلك في أعمال هذه الفنانة المؤرقة بنوايا التجاوز المثقل بإيحاءات ثقافية والتي تثقل العمل أحيانا بتفاصيل صخبها. |