تعالج صورها الفوتوغرافية بالكومبيوتر ... نرمين همام تعرض لقطات من يوميات المصريين |
المقاله تحت باب نقد مجموعة من المشاهد المصورة لأحد الشواطئ المصرية مثلت العنصر الرئيس في المعرض المقام حالياً في قاعة «تاون هاوس» في القاهرة للفنانة نيرمين همام، والذي يضم عدداً كبيراً من الصور أخضعتها الفنانة للمعالجة عن طريق الكومبيوتر لإضفاء بعض التأثيرات، أو إضافة عناصر أخرى وهي الطريقة التي تتبعها عادة في أعمالها ولا تعتمد على التسجيل المباشر بل تتعداه إلى نوع من التدخل في تكوين المشهد أو اللقطة، وذلك لتدعيم فكرة ما أو حتى لخلق أشكال وكوادر جديدة غير متاحة للعين، وموجودة فقط في خيال المصور.
ولقد ساعد على ظهور مثل هذا النوع من فنون الفوتوغرافيا ذلك التطور المتسارع لبرامج الكومبيوتر االتي تتعامل مع الصور الفوتوغرافية بالحذف أو الإضافة، لخلق مناخ وأجواء مغايرة لتلك االتي سجلتها عدسة الكاميرا، هذا إضافة إلى التطور المتزامن لآلات التصوير والطباعة. تحاول همام من خلال هذا المعرض تسليط الضوء على هذه المتناقضات التي باتت تشكل بعضاً من الملامح الرئيسة للمشهد البصري في الشارع المصري، والتي تعكس بدورها نوعاً من التحول الذي طرأ على التركيبة الثقافية للمجتمع في شكل عام. فعبر مجموعة من الصور الفوتوغرافية لأحد الشواطئ المصرية نستطيع بسهولة أن نتلمس ملامح هذا التناقض في ملابس الناس وسلوكياتهم مابين الإفراط في الإعلان عن الهوية الدينية، والرغبة في ممارسة الحياة في شكل طبيعى، ومسايرة العادات الاجتماعية النمطية، وهو الأمر الذي ينطوي على شيء من التحايل والتناقض أيضاً في كثير من الأحيان بين ثقافة اجتماعية كانت سائدة حتى ثمانينات القرن الماضي، وأخرى يراها البعض وافدة لكنها تغلغلت وتنامت، ولا يستطيع أحد إنكار أثرها على بنية المجتمع الثقافية والفكرية. وخلافاً لذلك نستطيع أيضاً أن نلمح نوعاً من الرصد للنظرة الســـائدة في معظم المجتمعات الشرقية للجسد، وما تنــطوي علــيه هــذه النظرة من تباين بين كلا الـــطرفين، الرجـــل والمرأة، هذا التباين الذي تعكسه تلك الحرية المتاحة لطرف دون الطرف الآخر، وهي نظـــرة قديـــمة، إلا أنها صارت أكثر وضوحاً وتبايناً في ظل هذه المتغيرات الجديدة. درست نيرمين همام فن السينما في الولايات المتحدة الأميركية ثم اشتغلت بعد تخرجها في مونتاج الأفلام، إلا أن هذه الفترة لم تستمر طويلاً، إذ سرعان ما عادت إلى القاهرة. وعقب عودتها عملت لسنوات مع المخرج الراحل يوسف شاهين، ولفت انتباهها اهتمامه بالتفاصيل مهما كانت صغيرة أو هامشية. وهي ترى أن كلاً من السينما والفوتوغرافيا تجمعهما سمات مشتركة كثيرة، فكل منهما يعتمد على المشهد أو الصورة، غير أنها ترى أيضا أن الصورة الفوتوغرافية أصعب من السينمائية، وذلك لكونها تمثل مشهداً واحداً غير متحرك يفترض أن يكون فيه من التلخيص والتركيز ما يضمن له شيئاً من التأثير في مخيلة المتلقي. ولا تدري همام تحديداً ما الذي شدها للتصوير الفوتوغرافي غير أنها تحب التعامل مع آلات التصوير والكومبيوتر ففي أعمالها المصورة من الصعب أن تجد هذا النوع من الفوتوغرافيا المباشرة، إذ دائماً ما تتدخل لتغيير هذه اللقطات التي تقوم بجمعها، وهي لا تعتقد مطلقاً أن هذا التدخل في الصورة الفوتوغرافية يمكن أن يدخلها في مجال آخر غير الفوتوغرافيا كما يرى البعض، إذ تقول: «إن كل جزئية في العمل عندي تعتمد على الكاميرا في شكل رئيس، والجديد فقط هو حالة المزج الذي أقوم به لتغيير معالم المشهد أو الصورة. وأعتقد أن هناك تأثيراً لعملي في مجال المونتاج في شكل خاص على هذا الأمر». وعن خبرتها في التعامل مع وسائط أخرى في مجال التشكيل تقول: «لقد حاولت من قبل أن أرسم بالفرشـــاة والألوان، غير أن في داخلي خوفاً شديداً من الخوض في هذا المجال، فحين أمسك بالفرشاة أجد نفسي عاجزة عن تحريكها، وأنا أرى أن هناك تفسيراً منطقياً يتعلق بارتباطي بالعمل على الكومبيـــوتر، وتعودي على تحريك المساحات اللونية بمجرد الضغط على مجـــموعة من الأزرار. وأنا لست آسفة على هذا الأمر، فكما قلت لك من قبل أنا أعشق العمل على الكمبيوتر ومغرمة بالتعامل مع الآلات». |