هيلدا حياري : الذاهبة في عربة الفنتازيا

المقاله تحت باب  مقالات
في 
03/01/2009 06:00 AM
GMT



 

كأنها تشق عتمة الحجر ذاك الذي يشكل بنية المكان ( هنا ولدت وافنى – 2008 ) ..
السلط .. المدينة التي تعطي للحجر اسماءه ومداخله وتواريخه .. وكأن هيلدا حياري الرسامة ذات الرؤيا  ، تستدير مع كل  دائرة من دوائر الطبقات الأرضية  التي كشفتها اركيولوجيا الريح من حولها يوما  .. وهي تؤثث طبيعة البلاد ..الريح وقد كشفت ملامح ارض الأردن  القديمة .. بذلك التنوع الفريد للطبيعة العميقة عمق التاريخ والروايات والنصوص المقدسة .

 لوحاتها هالات ودوائر مجنحة ومخترقة .. هي تلخيص لفكرتها عن النقطة ، وتطوراتها في بنية الفلسفة وفي الحياة ، كما تقدم هي  لتجربتها .. هذه الدوائر التي سرعان ماتفاجيء المشاهد للوهلة الأولى وهي تسحبه كما  محيط لانهائي الى احلام وكوابيس  .. وحدائق سريّة .. وكوى مأهولة بقزح بعيد .
*
النفي القائم على الأيماء ، هي طريقتها في تجزأة اللوحة ، لنقل تجزأة معرفتنا ،  نمط من الأشراق برؤية لونية لترسي حكمتها على مساحات متنوعه .  النفي الذي  يقودنا الى معرفة  عصيّة .. واستيعاب غامض ،  وهي تحاورنا بأطراف حروفها المبهمة  واصابعها وهي  تلخص عدّة الرسم  في لوحات  تقيم  معنا علاقات اكثر تعقيدا .. سأقول اكثر ثراءا .

هيلدا حياري الرسامة الأردنية ،  التي تخرج على النمط  السائد ، ترسم  وهي عائدة من  فردوسنا الكلي-  الى فردوسها الخاص ( مشغلها الحاشد هناك عند اطراف عمون  التي رسمتها الكتب المقدسة ولم يخطيء وصفها الآشوريون   ) هناك تولد لوحاتها  وسط نزوع عاصف  من الأسئلة والقلق : اليس الرسام وليد دورة القلق الكوني . من هنا كانت النقطة .. وكل شكل مدور يفتحان افقا  مأهولا باسئلتها – تحيلنا  هيلدا حياري في تقديم تجربتها الى عبارة هيراقليطس : دورة هي حياتي .. تقوم على عتمة ضالة ومكثّفه ..  هو جذرها ..

 والصعب غالبا مع فنانه مثقفة مثل هيلدا حياري (  درست العلوم السياسية والفن التشكيلي في الجامعات الأردنية وتمد جسورها مع الآخر  اقليميا وعالميا مع فنانين ومعارض وبينالات ونشاطات شتى  )  في اقامة حوار سوي وغير مغامر ذلك  انها  تجمع تضادات المعرفة حيث تؤسس سلالة اساليبها – اسلوبها ، اذ ترى هي غير الذي في عينيها ، وتعرف غير الذي عرفته  وهي تقيم كينونة الوهم  الكامن الذي يشكل مصدر كل رؤيا .. وكل تفتيت !!

صعوبة الرسامة انها وفق كل فهم  معرفي ، تعيش وتستلهم  بيئة خاصة ومركبة  ومتناقضة ايضا من اطراف الصحراء الى روح المدينه الحديثة : ( اراها ترث من بيئتها الأولى  الطبائع والأفكار والسّير والتقاليد والحكايا الشعبيه  واغاني النساء .. وتلويحات الرعاة واصواتهم عند غدران تنشئها  الطبيعة لقطعان الرب .. مثلما ترث حكايا الجّداّت والنساء الكتومات من الصبر والتجلي وحكمة الشرق الصحراوي العميق ) .. وهي في تنوعها الفني المتقاطع : ( تعيش المدنية في صخب المدينة وتعقيداتها )   تنوّع منجزها الفني في  اللوحة ، الجداريه ، فيديو آرت والبوك آرت .. وكل شكل  فني مفتوح لكل بنية  ، مؤكدة حضورها الفني  وكأنها  تعيد صياغة مقولة فنتوري في عمارة مابعد الحداثة : كل تجذير صعب انّما  يقيم التنوّع .. ويفتت الأشكال  والوظائف ثم  لايعيد تكرارها ..
*

 
في مجموعة لوحاتها 2008  يحضر الرمز مكورا او مغلقا على جوهره .  نواة وكينونة تنبني على حدوس وافكار وتأويلات وفضاء مفتوح   اذ تعنى هيلدا حيارى بعد سلسلة من المعارض الفردية  والمعارض التشكيلية والعلاقات المفتوحة على الآخر ،  على  تكثيف الأسلوب وكأنها وجدت  لؤلؤة  عزلتها في مشغلها المزحوم .. اسلوبها الذي يسميها على استقرار نسبي يتوافق مع خيارات محتملة  . اللوحات الجديدة هي استخلاص فلسفة اللوحة بعد ان وجدت ان هذه السطوح لاحدود لها وكل جدارية مفتوحة  الى ملانهاية .. حتى  تتحدد حركة  الفرشاة وهي تمضي بلا حدود  فيما قلقها الداخلي  يلهج بالسؤال الذي يبحث عن كمال مستحيل  ..

 رؤيتها لا  تنطفيء بهذا المشروع  ، البحث عندها لايتوقف مثل قبيلة من القلق تفرش شجرتها المخطوطة .. دون حدود . لوحاتها الجديد عنوان لتجربة على عقد جديد – كانت هيلدا حيارى قد فازت بجائزة  بيناللي القاهرة 2006العاشر   عن عملها طرابيش – فيديو آرت ، وبينالي اسيا 12 عن لوحاتها ، ومشاركات كثيرة في الولايات المتحدة الأمريكية وبيروت ودمشق والقاهرة .. ونشاطات مختلفة في اسيا واوربا ..  لوحاتها  تبث رسالتها مثل مرات كثيرة مع الزيت  اول الأكليريك  حيث تنزل  نميمة اللوحة  وهي  تشير الى معنى غير منجز .  انها رسامة تضيق بتفسير العمل التشكيلي ( فيما تتساءل الثقافة  الأجتماعية السائدة  من حولها مااذا كانت هذه اللوحات تعني رسما .. ياالهي  اي انحدار يمضي اليه العقل  دون توقف في هذا الشرق  ) ..
 
 بقدر ماهي تخاطبنا  بغية صياغة علاقات اكثر جمالية واكثر معنى .. تحتال على فكفكة مفرداتنا  لتزيد مابيننا مستوى التراسل .. لاتريد  استدراجا متكلفا لوعينا بعملها بل انها  تعنى بتلك النبرة التي تمثل اتحادنا بالعمل .. ثمة قشعريرة لذلك الحلول والتماهي بين عملها والآخر ..  فكرتها عن التشكيل وشم تخيل بعيد .. والوانها اجنحة فراشة وشمس ودودة لعالم  فكره  تائهة .. لامعنى لكل شغل اذا كان مفسرا ، والقيمة تكمن في غموض اللوحة .. الغموض عند هيلدا حيارى مفتاح معرفة ونبوءه.. حائرة  .