شباب التشكيليين في مصر موهوبون لكن فقراء

المقاله تحت باب  مقالات
في 
16/04/2008 06:00 AM
GMT



يعيش شباب الفنانين التشكيليين في مصر حالة من عدم الاستقرار والقلق، ويجاهد الكثير منهم للاستمرار في ظل ظروف صعبة فالدخل المادي غير الثابت بات هما رئيسيا يعرقل المسيرة، والفن التشكيلي يحتاج الى الانفاق عليه خاصة أن الخامات مرتفعة الثمن وكل فنان شاب يسعى الى مغالبة هذه الظروف الصعبة ومن هنا تأتي أهمية دعوة الفنانين الشباب لتبني المؤسسات الثقافية لأعمالهم ورعايتهم فنيا.

كل شاب من التشكيليين يعمل في مجال قريب من الفن حتى يحقق دخلا ثابتا يعينه على متطلبات الفن التشكيلي، وغالبا ما يكون هذا العمل الاضافي تجاريا سواء تصميم الجرافيك أو طبع كروت فنية تباع في المكتبات الثقافية، ونادرا ما يكون الفنان الشاب مكتفيا بعمله التشكيلي..

الفن والتجارة

سامح اسماعيل فنان تشكيلي شاب يعمل في مجال الخط العربي منذ أكثر من عشرة أعوام وهو مصمم جرافيك في التليفزيون المصري، ودخله معقول يسمح له بالانفاق على أعماله. ويؤكد أنه لولا التوازن الذي أحدثه بين الفن التشكيلي والعمل الفني التجاري ما تمكن من الاستمرار في الفن التشكيلي الذي يحتاج الى الانفاق وعائده ليس كافيا خاصة انه لا يزال في بداية تجربته الفنية ويحتاج الى خامات وأدوات بأسعار مرتفعة.

ويقول سامح اسماعيل انه ينفق على أعماله الفنية ويرى ان الفن استثمار تراكمي وانه سيحقق عائدا مرضيا من ورائه طالما انه مؤمن بقيمة ما يقدمه كما أن عمله في الدعاية والاعلان والجرافيك يحقق له غطاء ماديا. ويضيف انه يسوق أعماله بنفسه وحلمه أن توجد جهة أو مؤسسة تتبنى الفنانين الشباب وتسوق أعمالهم وترعاهم.

ويرى هاني راشد وهو تشكيلي شاب أن الفن التشكيلي في مصر سوق مفتوحة، والأمر يعتمد على أن يكون الفنان مخلصا لعمله وموهبته ومؤمنا بما يقدمه والبعض يستصعب الأمر ويتعجل في تحقيق الشهرة وهنا تكمن المشكلة ففي مصر لا أحد يدعم الفنانين الشباب وكل فنان يعتمد على نفسه، ومعارضه وأعماله تقدمه للمتلقين.

ويضيف هاني راشد انه متفرغ للفن التشكيلي منذ عام فقط حيث كان يعمل بأحدى القنوات الفضائية المتخصصة، وحصل منها على اجازة بعد أن أثمر مجهوده في الفن اشياء ايجابية فقد قدم ثمانية معارض فردية داخل مصر وخارجها بالاضافة الى معارض جماعية جعلته يتحقق فنيا وحقق من ورائها عائدا يرضيه ويجعله قادرا على التفرغ للفن والاخلاص له فقط خاصة انه يملك تجارب فنية مختلفة في التصوير والنحت والرسم، وكلها تحتاج منه الى مجهود وتفرغ، وقد شعر بالفارق بين العمل بالفن التشكيلي كهواية واحتراف يستلزم الاحتراف خبرات متنوعة وجهدا وموهبة ومهارة يملك منها ما يمكنه من الاستمرار.

سوق فوضوية

ومن الفنانات الشابات اللائي يعتمدن على الفن التشكيلي في حياتهن شيماء عزيز وهي خريجة فنون جميلة ـ قسم تصوير، وقدمت منذ تخرجها عام 2001 ثلاثة معارض، وهي مهتمة بالاشخاص في أعمالها وتقول إن سوق الفن التشكيلي في مصر ليست لها صفة أو ملامح محددة فهي سوق فوضوية تسيطر عليها اسماء بعينها فضلا عن وجود احتكار لاسماء فنانين معروفين عن طريق عدد من قاعات العرض الفنية كما أن وزارة الثقافة ليس لها علاقة بشباب الفنانين باستثناء بعض الاحتفالات التي يدعون الشباب اليها من وقت لآخر في حين ان الوزارة كانت تقدم منح تفرع للفنانين الشباب حتى قدموا ابداعاتهم.

وتضيف ان شباب الفنانين يحفرون في الصخر حتى يثبتوا وجودهم في السوق فلا أحد يقدم لهم دعما، والشباب يحتاجون الى رجال أعمال أو بنوك أو مؤسسات ترعاهم حتى يتخلصوا من المعاناة المادية وفي مصر من الصعب أن تعمل بالفن التشكيلي فقط وتكون مستقرا وراضيا، وتحتاج الى سنوات من الصبر حتى تثبت قدميك في السوق وهو ما يجعل عددا كبيرا من شباب الفنانين يعملون في مجالات فنية أخرى ليحققوا دخلا يعينهم على الاستمرار وهي تعمل من وقت لآخر في تنسيق المناظر والديكور بأفلام سينمائية لكنها مقتنعة بأنها فنانة تشكيلية تعمل في مهنة تخاطب الوجدان ولديها ايمان بموهبتها ولديها تصميم على استكمال الطريق.

الدعاية والإعلان

ويرى التشكيلي الشاب كريم عبدالملاك ان الفن التشكيلي غير كاف لحياته ولهذا قرر منذ بداية تخرجه عام 2001 أن يلتحق بأكثر من عمل فني في مجال الدعاية والاعلان والرسم للصحافة حتى يكون قادرا على تحقيق دخل جيد.

ويقول ان كل الأعمال التي يقوم بها ليست بعيدة من الفن التشكيلي وتساهم في الانفاق على الفن نفسه، ولو كان دخل الفن التشكيلي مرضيا لترك الأعمال الأخرى لكنه مرتبط بحركة السوق، وعدد قاعات العرض، وكثرة الفنانين من كل الأجيال. ويرى أنه لا يوجد اهتمام بشباب الفنانين في مصر ولا توجد جهة ترعاهم والفنان الشاب يعاني الامرين بدءا من عمل اللوحة الفنية وانتهاء بعرض اعماله ويقوم بكل شيء بنفسه ولا يجد أي معاونة وهو محدود الدخل.

وقال الفنان الشاب عمرو فكري إنه لا يحصل على دخل ثابت من الفن رغم انه يخصص كل وقته للفن التشكيلي ولا يعمل في أي مهنة أخرى وهو مقتنع بأنه اختار طريق الفن ويجب ان يتقبل كل شروطه القاسية. ويرى ان الفن التشكيلي في مصر يسيطر عليه فنانون يقلدون الغرب أو فنانون لديهم نفس الافكار واللغة الفنية القديمة، وهو لا يفكر الا في التفرغ لفنه واقامة معارض فنية خاصة به حتى ينشر افكاره للناس، كما انه يتعرض لأزمات مادية ولكنه سعيد بالطريق الذي اختاره وسار فيه.

أما تغريد الصبان فهي فنانة تشكيلية شابة شاركت في معارض جماعية عديدة منذ تخرجها في كلية الفنون الجميلة عام 1999 وترى ان أزمة الفن التشكيلي مرتبطة بغياب الثقافة البصرية في مصر ووجود حالة من الفراغ في مجال التلقي للأعمال الفنية وسيطرة عدد من القاعات الفنية على حركة الفن مما يخلق مناخا غير موات لدى الفنانين الشباب مع طغيان الجانب التجاري على الأعمال.

وأضافت ان الفن التشكيلي يحتاج الى صفاء ذهني وثقافة وممارسة وهي أمور تبدو صعبة التحقق في ظل غياب أي مساندة من جهات أو مؤسسات للمواهب الفنية الشابة وغياب فكرة تسويق الأعمال وكل هذا يجعل الفنان الشاب في مهب الريح.