حين ينتقل الحرف العربي من الجمود إلى الحركية

المقاله تحت باب  مقالات
في 
23/12/2008 06:00 AM
GMT



 
على هامش تكريم الفنان الحروفي المغربي عبد الله الحريري:

  أعرب فنان الحروفيات المغربي عبد الله الحريري عن تفاؤله بخصوص واقع الفنون التشكيلية بالمغرب، ولاحظ أن الاهتمام بها أصبح يتزايد شيئا فشيئا، وقال في تصريح لـ'القدس العربي': 'هناك لقاءات ورواج فني وسوق للبيع بالمزاد وهذا شيء مشرف كثيرا' وأضاف قوله إن الفنان التشكيلي رغم كونه يقوم بعمل فردي، إلا انه منخرط في الجماعة ويساهم بالتنمية الاجتماعية للبلد.
وعلى هامش تكريم الفنان الحريري من لدن جمعية أركان لدعم الفن في الدار البيضاء، استقت 'القدس العربي' شهادات بعض التشكيليين المغاربة. وهكذا قال شفيق الزكاري (فنان تشكيلي وناقد) في شهادته:

'تكريم الحريري هو تكريم لجميع الفنانين المغاربة الذين يعملون في هذا الحقل، وهو تكريم جاء متأخرا شيئا ما، والمكرم يستحقه في ظروف معينة أحسن من هذه الظروف.
أعتبر الحريري من أوائل الفنانين الذين اشتغلوا على الحرف، بمؤازاة مع حركة البعد 'الواحد في بغداد' التي كان يرأسها الراحل شاكر حسن آل سعيد وضياء العزاوي ورافع الناصري وغيرهم. ومن ثم، مثل الحريري المغرب في هذا المجال، لدرجة أنه صار معروفا على الصعيد المحلي والعربي والعالمي.

قيل الكثير عن تجربة الحريري من لدن النقاد والأدباء والفنانين التشكيليين، وأعتقد أن هذا الفنان لا يحتاج إلى أي تصنيف أو تعليق، لأنه أب روحي لتجربة الاشتغال على الحرف بشكل جيد إلى جانب فنانين آخرين مثل المهدي القطبي الذي يقطن بفرنسا.. وغيره، لكن الحريري حاضر دائما بثقله وفنه وحضوره الثقافي، لأنه يهتم بكل ما هو ثقافي. وقد أتيحت لنا فرصة في أول لقاء عالمي لـ'بيت الشعر في المغرب'، حيث ساهم فيه كثيرا وخاصة على مستوى إنجاز ملصقات. كذلك على المستوى الغرافيكي، له فضل كبير على الإنتاج الثقافي، إذ يساهم في إنجاز أغلفة مجموعة من الكتب المغربية.

هل هناك حركة نقدية تشكيلية؟ رغم الغياب النسبي لا يمكن أن ننفي أن هناك نقادا يشتغلون بشكل منتظم، لكننا لا يمكن أن نعتبر أن كل ما يكتب عن الفن التشكيلي المغربي نقداً، فهي إما كتابات تنشر في الصحف، أو نصوص موازية ينجزها فنانون. بينما إذا أخذنا النقد من حيث الاختصاص، فأعتقد أن هناك القليل جدا من هو مختص كناقد يمكن أن يصنف عمله ضمن تاريخ التشكيلي العالمي.'
التكريم المستحق
 
ومن جهته، قال الفنان عبد الرحمن رحول (مدير المدرسة العليا للفنون الجميلة في الدار البيضاء): 'إن التكريم المخصص لعبد الله الحريري يعد حدثا هاما، لكون هذا الفنان أعطى الشيء الكثير للفنون التشكيلية بالمغرب. وأعتقد أنه حان الوقت لنكرم الفنان المغربي وهو على قيد الحياة، لا أن نفعل ذلك بعد فوات الأوان. فمثل هذه الالتفاتة ترفع من معنويات الفنان وتجعله يواصل العطاء ويطوره، بحكم أنه يقف عن كثب على مستوى الاهتمام به. والجميل في هذا الحدث أنه جمع وجوها وأسماء فنية وثقافية وإعلامية قلما تجتمع في مناسبات أخرى.

عايشت الحريري منذ الستينات، فنحن ننتمي لحي واحد بالدار البيضاء (درب السلطان) ودرسنا معا في معهد الفنون الجميلة بهذه المدينة، وبعد ذلك واصلنا الدراسة بالخارج، ثم عدنا إلى الوطن حيث مارسنا المجال الفني، وحملنا مشعل التشكيل ضمن مجموعة الدار البيضاء المعروفة (الحريري، الغطاس، رحول)، وواكبنا المسيرة وصرنا ننظم معارض جماعية لكي نحافظ على استمرار الحضور التشكيلي بهذه المدينة.
وأعتقد أن تقليد التكريم سوف يتواصل، اعترافا بعطاءات الفنانين الذين حققوا إضافات نوعية في الميدان.'
صاحب مغامرة صعبة
 
كما قال الفنان التشكيلي عبد الحي الملاخ: 'التكريم فعل محمود، فعبد الله الحريري له مسار طويل في المسار التشكيلي بالمغرب وله بصماته في التجربة التشكيلية. ومن ثم، آمل أن يتحول هذا التكريم إلى تقليد فني يكرس سنويا. فتكون المناسبة فرصة لتعميق النقاش والوقوف عند خصوصيات كل تجربة فنية ومميزاتها، كما أتمنى أن يقع توسيع مجال التكريم ليشمل كتابا وأدباء وفنانين من مجالات إبداعية مختلفة.

أكن تقديرا خاصا للحريري لكونه خاض مغامرة كانت صعبة في وقتها أي منذ أزيد من ثلاثين سنة، أقصد هنا الحروفية، حيث استطاع أن ينقل الحرف العربي من الجمود إلى الحيوية والحركية، وأن يكسبه أبعادا فنية وإنسانية تتسم بها أعمال الحريري شأنه في ذلك شأن حروفيين آخرين.'
الجدير بالذكر أن عبد الله الحريري الذي ولد سنة 1949، تلقى تعليمه الفني بمدرسة الفنون الجميلة في الدار البيضاء (مسقط رأسه)، كما استفاد من مجموعة من التدريبات، من بينها تدريب حول الديكور المسرحي والسينمائي في فرنسا، وآخر في المعهد الأوروبي للهندسة المعمارية والدايزين في إيطاليا، وثالث حول الحفر الفني بالمدرسة العليا للفنون الجميلة لودز في بولونيا. وتولى تنشيط محترف الفنون التشكيلية في كلية الآداب سيدي عثمان بالدار البيضاء، واستفاد من الاقامة بمدينة الفنون بباريس. وهو عضو الجمعية المغربية للفنون التشكيلية، وعضو مؤسس لجمعية مدينة الفنون، وعضو مؤسس ونائب الرئيس لجمعيات: نادي البيضاء للفن المعاصر، نقابة التشكيليين المغاربة وقرية محترفات الفنانين. وقد نظم العديد من المعارض لأعماله الفنية منذ 1973 في المغرب والخارج.