يقيم الفنان جميل ملاعب معرضاً له في صالة جانين ربيز ـ الروشة حتى السادس والعشرين من ا

المقاله تحت باب  معارض تشكيلية
في 
22/11/2008 06:00 AM
GMT



35 لوحة بأحجام مختلفة منفذة في غالبيتها بمادة الزيت بألوان حيّة حكواتية وخبرية شاهدة على هامش مهم من مسيرة حياة في قرية درزية رمز مسيرة الفن والارض.
"استراحة" عين داخلية تتحرّك ألواناَ ووجوهاً وقامات وذكريات ويوميات في اشهار لوني لطراوة الحياة وبفلسفة تعبيرية مبسطة وشاعرية.
معرض يلم بموضوعات جميل ملاعب المعتادة: القرى والمناظر الطبيعية والبورتريات جماعات وأفراد. عالم من الواقعية والتمثيلية التصويرية بمدلولاتها التعبيرية وبتماسكها التأليفي.
لوحة اجتماعية واضحة الانتماء بالعودة الى الاصول والجذور وسلوكيات القرى الجبلية وتحولاتها المهددة بالتفسخ والتفتت والاندثار تحت ضغوط الحياة المدينية الحديثة.
لوحة جميل ملاعب فيها السر البسيط والبوح، فيها المنظر الذي يختبئ خلف اللون، وفيها محاورة متلازمة تخرج الى الناظر بما هو مرئي وما هو مستتر خلف طبقات الذاكرة اللونية المترددة على السطح بلا انقطاع.
لغة تعبير
هي نفسها دائماً، شبيهة بمياه النهر الجارية بحرية كبيرة ومن دون تردد، وفي مجرى النهر تتلون المياه بسعادة المحيط الهانئة والمستقرة وبفرح غير مقيد. برسم جميل ملاعب كأنه يغني زجلياته بتصور الوجوه والتواريخ والنوم والهناءة واللاجدوى.
اللوحات المتقابلة وبأحجامها المتغايرة تفسر حالاتها الواحدة. كأنها موسيقى الغرفة مع نوافذ وأبواب تطل من دواخل أخرى أو على الخارج من ذلك الاختلاط فتتحول الى مكان شعوري وسيط عليه تسمية المكان بطريقة أليفة تشكل اللوحة وهي مريحة.
هي اللوحة هنا طريقة حياة، سلوكيات وللضيعة لون، وللبحر لون، وللشمس نهارات، وللنهارات ألوان، وللعصافير فضاءات... كرنفال لوني بمشاهدات كثيرة.
ولادات
ولادات تكرر ذاتيتها بنرجسية كتجليات أبدية يقظة وجدانية بأجساد مكثفة مرة واحدة بالوجوه والقامات وارتعاشات الالوان والخطوط يؤكدها ملاعب بخبرة تأليفية على أوراق الرسم فتصير الاحلام والرؤى والاصوات وعالم الخلق بمتتاليات متوازية الابعاد.
أجواء طبيعية ربما صارت بعيدة عن النظر التقليدي المألوف ليست واقعية تماماً وهي تتعرض للاندثار وليست من صنع الخيال كأنها تداعيات غرافيكية في منظر وآخر تؤكده الشمس وزرقة البحر، ومرئية بقامات متعددة تسير في أسفل اللوحة، وهي تمضي نحو عمق السر الكامن خارج سطح اللوحة.
الاهم هي المعالجة وان تصيب زيتيات ملاعب الشخصيات التي يحبها أكثر. وجوه للأسف صارت أكثر مجمدة في أسفل اللوحة، مسكونة بهوة الغياب في اشارة الى نوع من اليأس والتمزق.
صورة النساء الدرزيات واحدة من مصادر الجمال الاستثنائي في المعرض مستوراً وظاهراً وإن في حدود الانعزال عن العالم في وحدة مرحلية عميقة.
وجوه
رسم ملاعب لوني يبحث عن هذا التوازن في أعمال مألوفة لا تتوقف عن الاقتراب والابتعاد في آن والمسافة بين الفنان واللون هي اللعبة، وهي كل شيء بصورة مرئية وأخرى غير مرئية! أين هي؟ وجوه يرسمها تحت في الاسفل كأنها تنأى الى حدود الزوال اللامرئي حيناً.
بعض العصافير تغادر أرضها مجازاً قاحلاً، كالحكمة التي بدأت تتجمع لدى جميل ملاعب الذي صار شعره أبيض أكثر وأكثر استرخاء، وأكثر استراحة وهو يتكئ على امتياز كوني معروف.
حين يكون الرسم كله معادلاً لمزاج هانئ، هذا يفصل التجريد عن الحدس الشعوري الاول والخام تماماً كمذاكرات اللون السرية والرسم الخطأ الى حدود الحرية والتفلت بين النفس والعقل والتجريد والحكمة وصخب الثرثرة والتحديق. كأن الهدف الدائم هو رفع الحياد بين اللحظة القديمة واللحظة الراهنة. ليس هو الرسم، بل هو التحديق أكثر وأكثر من نار ونور وتراب الى الاعلى.
يركز ملاعب في كل سيرته (30 سنة) على الوجوه التي تؤلف وتسكن مخيلته وتحضه على البحث عما يدور في داخله لشعوره ان قيم العالم الاخلاقية صارت في الواجهة لإهتمام العالم لها. كأنه يدرك من خلال لوحته ان العالم صار عبثاً لا قيم فوقية لديه ولا تحتية.
في اختباراته الجديدة لا يشعر بحاجة الى انجاز طبقات ألوانه بدقة، أحياناً تشعر أنه لم يوفق في هذا الحيز من الخطوط أو ذاك، ولعل الاساس هو الرسم ويتساهل مع كل الامور الاخرى.
"ألجأ في تجاربي الى تفاصيل الجبال الى الشجر، الى السهل، الى الانسان والطير والحيوان، الى العشب والثمر والاغصان. كأن الازهار تتحداني في الطبيعة في روعة اشراقها أريد أن أقطف لونها لأضمه الى مجموعتي. كأن الاقحوان يتحداني فأضمه الى لون دمي المغلف بجسد لا أعرف دائماً شروط عيشه وحزنه وفرحه. لا أعرف ما وراءه، خصوصاً حين يتعب ويضجر من الابعاد الواضحة والتقاسيم الحياتية المؤكدة والمستقبل المنظور. هكذا ترافق يدي مصيراً مجهولاً كأنني دائماً في بداية الطريق. في بداية طفولة. كأني أسجل آخر أعمالي وبصماتي. كأني على عجلة من أمري قبل الذهاب الى النوم العميق... ألواني هي كلماتي وأهوائي التي تسبقني أحياناً ولا أعرف كل معانيها. إني أحاول أن أضم صوتي الى هذا الكون الدهري".
معرض يكشف أيضاً وأيضاً عن خصوصيات المسار الفني في السعي لبلوغ التقليد الكبير لفن الرسم.
ولجميل ملاعب ألوانه الصافية والنقية الانتماء والحدس والتقنية المهمة في استخدام الالوان في تنوّع الاشكال بشكل أكبر في هذا المعرض