الفنان جاسم زيني عالم قائم بذاته داخل التشكيل القطري، يلتقي عنده كل التشكيليين القطريين بأجيالهم المختلفة ويفترق عنهم بخصوصية تجربته التي تكرسه دائماً ممثلاً لهم وأبَّاً روحياً لا يفتأ أي منهم نكران ما لها وله من سبق ومكانة استثنائية.
فهو رائد التشكيل القطري وأول مبتعث لدراسة الفن خارج بلده، عاد في نهاية الستينيات من القرن الماضي محملاً بأحلام وتطلعات كبري وفي الوقت ذاته مدركاً مسؤوليته القومية في إيصال حصيلة خبراته الأكاديمية والإبداعية لناسه وإيصال فنونهم وتراثهم وأحلامهم وحياتهم وثقافتهم الشعبية إلي المتلقين في كل مكان.
استثنائية زيني إذن تنبع من هذا الثراء في التقاء عناصر مختلفة بإناء تجربة ذاتية مشحونة بالموهبة والذكاء والذاكرة التفصيلية القوية التي تسعف المشهد البصري بجزئيات بسيطة لكنها تنقذه من الذوبان والتلاشي في زحمة المشاهد. فلو تتبعنا مسارات الخطوط الحكائية واللونية في إحدي لوحاته الأولي ولتكن "الكي"، فإنها ستحيلنا إلي جملة من المقومات في فن الرائد جاسم زيني، لعل أهمها قدرته علي نقل الواقع بوهج فني وإنساني شديد الارتباط بالتفاصيل وسريع الهروب من رتابتها عبر إضافة "تحويرات" بسيطة غير أنها ذات دلالات "تعبيرية" قوية تفضي إلي فهم المراحل اللاحقة من تجربة الفنان الذي سيثق أكثر فأكثر بموهبته حين يهبها لاتجاهات فنية مختلفة دون أن يخشي عليها من فقدان هويتها وخصوصيتها.
|