اعتبر الفن رسالة فنية وأخلاقية واجتماعية. فنان تشكيلي إشكالي عبر خلال مسيرته اللونية التي تشبه قوس قزح في شكلها وتنوعها وألوانها الحزينة منها والمبهجة التي تحاكي العين وتكشف ما وراء اللون والشكل..
الرسام والفنان محمد الجالوس الذي يرسم ويكتب ويخط بريشته تشكيلات فنية ولوحات معبرة احتلت جدران صالات العرض المحلية والعربية والدولية في معارض مشتركة وفردية منحته شهرة واسعة ووضعته في طليعة الرسامين الأردنيين المبدعين.
انفرد الجالوس بتوثيق تراث وحضارة واكتشاف الأسرار اللونية والتفاصيل الغامضة في بيوت المدن العربية, فرسم مدينتا الفحيص والسلط في الأردن, واكتشف جماليات وحكايا بيوت القدس ونابلس في فلسطين, فحاز على لقب رسام المدن وموثق التراث حيث نجح في تشكيل ومزج القيمة التراثية والفنية وفن العمارة مع النبضات الروحية التي تختزلها البيوت القديمة في لوحات اصبحت من مقتنيات الكثيرين عشاق الفن التشكيلي في بلاد العرب.
التقينا التشكيلي محمد الجالوس في عمان ودار الحوار التالي حول مسيرته الفنية ومراحلها وتفاصيلها..
* السؤال عن بداياتك هو سؤال تقليدي مكرر لذلك سنسألك عن مراحل مسيرتك الفنية?
- مرت لوحتي بعدد من المحطات, كان أولها مرحلة التخطيط بالأبيض والأسود, حيث كنت مأخوذا بالأدب والنثر القصصي على وجه التحديد, مما رتب على لوحتي في بداية الثمانينيات, بعدا ذهنيا لا يخلو من الجنوح السريالي الخيالي, ثم انتقلت لوحتي إلى مرحلة اللون الأبيض وفيه تلقيت تدريبا مكثفا, عرفت من خلال الأبيض قيمة اللون, وحساسية التلوين مما نقلني فيما بعد إلى استخدام الدائرة اللونية كاملة ويظهر ذلك في لوحات بداية التسعينيات حيث الواقعي الممزوج بالتجريد وهناك بدأت رحلاتي الخاصة إلى المدن, فأنا ارسم المدن التي أحب وفي فترات متباعدة غير مربوطة بضغط الزمن أو الانجاز بقدر ارتباطها بما أحب من المدن, حيث بدأت في رسم مدينة الفحيص الأردنية, وهي مدينة تتمتع بخصوصية جغرافية حيث الجبل حاضرا إلى جانب الوادي بطبيعة ساحرة.
* للمكان حضوره في أعمالك, فقد اعدت تشكيل بيوت السلط في لوحاتك ثم رسمت بيوت القدس ووصفك البعض بأنك رسام المدن وموثق تراثها وتاريخها الفني, فماذا تقول?
- نعم المدن, كانت لها سطوة الحلم دائما على لوحتي ففي هروبي إلى رسم المدن كنت استعيد يدي من التجريد الذي أغرقت به لوحتي زمنا طويلا هو ربع قرن وأكثر, رسمت بعد مدينة الفحيص بخمس سنوات, مدينة السلط, وللسلط في ذاكرتي تفاصيل حلوة, ظلت معي احملها حتى سنحت لي الفرصة برسمها, وهي مدينة تحمل إلى جانب المعمار الإسلامي طبيعة جبلية تشبه إلى حد بعيد مدينة نابلس الفلسطينية التي رسمتها بعد مرور احد عشر عاما على السلط, وبينهما رسمت مدينة القدس, ففي القدس وجدت ضالتي في معمار عربي يحاول المحتل ان يغيره بالقوة ولكن هيهات!!
* كيف تعاملت مع القيمة التراثية والروحية لمدينة القدس في لوحاتك?
- نعم, هدفي الأول من رسم المدن هو التوثيق الجمالي لاماكن بعينها, أخاف عليها من الهدم أو التدمير او التطوير, وهذا ما حدث في السلط والقدس ثم نابلس قبل أشهر قليلة في ربيع هذا العام .2008
- ثم يأتي الهدف الخفي وهو أمر يتعلق بالإبقاء على علاقتي بالمرجع الأساسي, الطبيعة, فيدي تعشق هذا النوع من الرسم الذي استخدم له عادة الألوان المائية, ففي العودة للطبيعة أعيد ليدي ما تعشق وأعيد لعيني نبعهما الأساسي, وأعيد أيضا لمهارتي في الرسم حضورها فهذا النوع يحتاج إلى قدرات حرفية خاصة لا تتوفر الا للرسام المتمكن من ادواته وحرفته فأنا في النهاية رسام.
* ما هي اللوحة التي تعيش في مخيلة الجالوس, ولم يرسمها بعد?
- احلم برسم لوحة كبيرة الحجم, تكون ملكاً لذاكرة الشعب, تحفظ لذاكرتي وذاكرة ابناء امتي, فترة عشتها وتركت فيها ولها هذه الاعمال, فنحن امة حضارة ولأن كنا اليوم نلهث وراء الغرب نداري هزائمنا, فقناعتي ان هذه الجرائم مؤقتة وسيأتي اليوم الذي تكون للامة مكانتها الطبيعية.
* إلى اي مدى يمكن توظيف لغة الفن واللون في الحوار والتواصل مع الثقافات الأخرى?
- الفن والرسم تحديدا لغة لا تنتمي لحضارة أو شعب بعينه اسود كان ام ابيض, الفن لغة الانسان, الانسان المطلق, ففيه امكانية التواصل ويحمل لغة المصالحة بين البشر, ففيه امكانية التواصل ويحمل لغة المصالحة بين البشر, فالعين واحدة, واللون واحد, والانسان واحد وان اختلفت التربية أو التعبئة الإعلامية.
الثقافة والفنون هي السبيل الوحيد والأقدر على التقاء الشعوب, والتواصل, والا, ماذا فعلت الحروب والعداء غير مزيد من العداء.
* هل هناك نقد حقيقي, وما هو دور الناقد ودوره في تصحيح مسار الفن التشكيلي?
- معظم النقد الفني يدور حول القيمة الاجتماعية للفنان أو العمل الفني, وهو وصف نثري جميل احيانا, يفسر المناخ الذي يرسم به الفنان ولكن النقد بمفهوم التعليم والتثقيف, اي النقد القادر على الانتقال بالفن إلى مرحلة اخرى متقدمة, كما فعل النقد في مجتمع لوحة المسند (الأوروبي), هذا النوع من النقد الجاد, للأسف غير متوفر دائماً, كي لا أقول انه مفقود, فمعظم النقاد للأسف, ربما هم رسامون لم يقدموا بالرسم ما ارادوا, فكان لهم ساحة النقد وهي الاسهل مع قناعتي ان النقد من الممكن ان يكون ابداعياً وذا قيمة كبيرة.
* اين المرأة في لوحات الجالوس?
- المرأة في رقة الألوان وانسياب الخطوط, حاضرة بروحها, وان لم تكن بجسدها وهيئتها المتعارف عليها, لقد خصصت معرض عام 2000 إلى المرأة فقد كانت حاضرة في كل لوحات المعرض الأربعين.
* ما هو الجديد الذي ستطلعنا عليه بالشكل والمضمون?
- اعود للوجوه, ارسمها وكأني ابدأ من جديد فهو موضوع لا ينضب. |