فن البورتريه هو أحد الفنون التي تحظى بإهتمام المتذوق وهو يمثل أحد الموضوعات الرئيسية التي يتم تناولها في أعمال العديد من الفنانين ولكن تبقى لكل فنان رؤيته الخاصة وأسلوبه الذي يميزه عن غيره في تناوله لهذا الموضوع .
ومن بين المعارض الكثيرة التي أقيمت مؤخرا بالقاهرة كان معرض الفنانة إيناس الهندي الذي أقيم في قاعة راتب صديق بأتيليه القاهرة والذي أفردت فيه مساحة كبيرة لإبداعاتها في فن البورتريه حيث تميزت لوحاتها بدرجة عالية من التمكن في الآداء والتعبير .
والفنانة من خريجي الفنون الجميلة وحاصلة على درجة الماجستير وتشارك بفاعلية داخل الحركة التشكيلية المصرية منذ تخرجها في قسم التصوير عام 1998 .
إلتقينا بالفنانة في معرضها بالقاهرة لنتعرف منها أكثر على تجربتها الخاصة مع فن البورتريه فكان لنا معها هذا الحوار .
سألناها في البداية عن ذلك الإهتمام برسم البورتريه والموديل في أعمالها فردت قائلة :كل ما يهمني أثناء العمل أن أتناول موضوعات قريبة مني أشعر بها وأستطيع من خلالها أن أبث ما بداخلي من إنفعالات ولا يهم عند ذلك أن يكون الموضوع منظرا طبيعيا أو بورتريها أو حتى موديلا فكلها موضوعات محببة إلى عين المشاهد ولكن المهم في الأمر هو كيفية تناولها وصياغتها بطريقة تحترم عقلية المتذوق والفنان في آن معا وبالنسبة الى البورتريه هناك مرحلة هامة تسبق العمل وهي الإنتقاء والإختيار سواء كان ذلك البورتريه لرجل أو إمرأة أو طفل على أن أشعر بذلك الإحساس الذي يدفعني إلى رسمه وتحويله إلى عمل فني فكل الوجوه تصلح للرسم ولكن ليست كلها تحمل نفس الدرجة من التعبير فهناك وجوة تحمل درجة من التعبير لا يمكن مقاومتها أو عدم الإلتفات إليها .
تضيف الفنانة : كما أن موضوع البورتريه بشكل خاص يعد أحد المواضيع القديمة في تاريخ الفن لكنه في نفس الوقت جديد وطازج قديم لأنه أحد الفنون والموضوعات التي تم تناولها كثيرا على مدار تاريخ الفن الحديث والقديم على حد السواء لكنه جديد وطازج بناءا على التجربة الخاصة بي وبالشخص الذي يتم تناوله أو رسمه داخل العمل فالأمر بالنسبة له يمثل في ذلك الوقت شيئا مقدسا وهاما فهو في أغلب الأحيان مجرد شخص عادي لم يمر بهذه التجربة من قبل لذا فهو يتجهز نفسه جيدا للجلوس بين يدي الفنان ويتهيأ لتلك اللحظة التي سوف يتم تسجيلها قدر المستطاع فهي تجربة قديمة بالنسبة الى المتلقي لكنها جديدة بالنسبة الى الوجوه المرسومة داخل الأعمال .
لكن الفوتوغرافيا تستطيع أن تسجل تلك اللحظة بسهولة فما الفرق إذا بين الصورة الفوتوغرافية لشخص ما والبورتريه الشخصي المرسوم لنفس الشخص ؟
الصورة الفوتوغرافية قد يستغرق إلتقاطها ثانية واحدة أو أقل لكن البورتريه المرسوم هو حالة من التعايش بين الفنان والشخص المرسوم هناك حالة من الحوار بين كلا الطرفين وهناك قراءة متأنية للملامح والخلجات فأنا حين أرسم شخص ما أحاول قدر المستطاع التعبير عن مشاعره وأحاسيسه الداخلية .. عن أحزانه وأفراحه وتوتره وقلقه ، كل هذه الأشياء من الصعب أن تعكسها الصورة الفوتوغرافية لكن اللوحة تستطيع أن تفعل ذلك بكل سهولة الأمر يتوقف على قدرة الفنان وإختياراته .
هل كل الوجوه والموديل المرسومة داخل الأعمال المعروضة لأشخاص حقيقيين بالفعل أم أن هناك تدخل للخيال والرؤية الخاصة بك ؟ هناك وجوه كثيرة بدأت في رسمها مباشرة من خلال أشخاص بعينهم لكننى أكملت الجزء الكبير منها بمفردي لا لشيء سوى لأنني أردت ذلك أردت أن أضيف إليه شيئا من عندي دون الإلتزام بالملامح والتعبيرات الحقيقية وهناك وجوه رسمتها عن طريق إسكتشات ودراسات سريعة وقمت بعد ذلك بتحويلها إلى لوحات كما أن هناك تصرفا أيضا في انجاز الخلفيات كمحاولتي المزج بين الأشكال المسطحة والإيحاءات المجسمة المتمثلة في الوجه المرسوم .
كيف توازنين بين الرؤية البصرية والفكرة أو المشاعر المسيطرة عليك لحظة الإبداع ؟ هناك في الغالب صراع ما بين العقل والوجدان أثناء القيام بالعمل فحين أرسم وجها لشخص ما عادة ما يدفعني العقل إلى الإلتزام بنفس النسب والمساحات التي أراها أمامي لكن هناك دافعا آخر يتعلق بالوجدان يمكن أن يدفعني إلى القيام بشيء مغاير تماما لما أراه وذلك بناء على تلك المشاعر والأحاسيس التي أتلقاها من الشخصية التي أرسمها ، لكنني أحاول قدر المستطاع أن أخلق توازنا بين العقل والوجدان بحيث لا يتغلب أحدهما على الآخر .
أغلب الوجوه المرسومة هنا هي وجوه أنثوية لماذا ؟ أعتقد أن وجه المرأة أكثر تعبيرا وهو يمتلك قوة وجاذبية خاصة بعيدا عن إمكانياته الجمالية والأنثوية الظاهرة فالمرأة تحمل دلالات كثيرة ومؤثرة كما أن إنتمائي الأنثوي يمثل عاملا لا يمكن إغفاله أيضا . |