وبرغم ان اللوحة توحي في اعماله انه لايريد ان يلغي شيئا من موتيفاته وخزين ذاكرته ، لكنه يجرؤ في لوحته على القبول بظلال الذاكرة اذ تبدو اهم من الوقوع في وهم وقائع واحداث ومشاهدات .. الحذف عنده نوع من الغياب المتكرروالمعمار المكرّس للوحة جديدة ..وتوثيق اليوميات على سطح اللوحة هو فعل تغيير لأنعكاسات بصرية الى بنية مختلفة عن جوهر غامض .. وعنده - دون تعمّد.. دون تحضير ترسم اللوحه ذاتها .. هكذا يجد الرسام بعض تجاربه مع الرسم ، ثمة استعادات معرفية للوحة الأولى .. ثمة اعادة تفكيك لكل منجز بغية اقامة المنجز الحاضر الذي يمضي الى قدر بصري آخر ..
*
في قراءة لوحاته يبتكر عصام طنطاوي رابطا لخزين مغامر من الصور .. حيث يعترف بتلك المجازفة التي ترميها لحظة الرسم ، انها لحظة اطلاق متنوعه لفكره اخرى وتداعيات لصياغة منظومة جديدة ، انها تواصل لنزوع الذاكرة لأعادة بنية او .. تشضية المصدر وخلق بنية جديدة .
نواة اللوحة صياغة للوحة جديدة في تواصل دهشة تلوب معه كلما قلب اسئلة الرسم . ان التعامل مع اعمال عصام طنطاوي لاينفصل عندي عن التعامل مع خبرات رسام وفوتوغرافي وكاتب ..تناقش تجربته الحياتية حدودا ومفاهيم لنزوع الرسم بغية اطلاقه من كل نهائي .. وكل لوحة هي منطقة اخرى لكشوفات حفرياته وتجربة متواصلة .. و مغامرة ابتكار اللوحة وكينونتها .
*
في لوحاته - مدوناته تسجيل لطبائع المكان .. ظلاله وبقاياه ..وكأني في القراءة لااسأل عن عناوين. .. وجوهه غياب لأثر الحضور ، انه يستدرك الذاكرة ..تلك التفاصيل والموتيفات التي لم تعد كما هي لكنها مرجعيات لذاكرة وتجارب وأحزان تتغير تفاصيلها كلما تغيرت الرؤية . واذ تكون اللوحة غير منقطعة عن جذورها يعطينا عصام طنطاوي نموذج للرسام السحري الذي يضفي على ذاكرته مسحة السرد.. مسحة السردية اللونية ..
*
انه متحول .. ومغامر بعدّته وهو يعرّضها الى هذا الكم من ضغط الوعي لتغيير تفاصيلها وهو الذي يرى ان كل تجربة تشبه الرسام ذاته ..وكأن الرسام يرسم نفسه .
انه يفكك مرجعياته ليقيم وجودا تشكيليا مجاورا .. هو اقصاء لقيامة واقعية لايجد الرسام فيها اشاراته ورسائله ..
وفي تجربة عصام طنطاوي الجديدة رسائل واشارات ولقى وشيفرات تشير الى الشرق بكل سحريته .. وغموضه .. ثمة ايقونات .. ومنمنمات .. وتزويقات تغادر مألوف الرسم الشرقي لتخرج اللوحة الى فضاء حداثة وفضاء تغيير .. هو فضاء اختصار الجمالي والكوني عند رسام خاص ..