... ارسل الى صديق  ... نسخة للطباعه ...اضف الى المفضله Bookmark and Share

 

معارض تشكيلية

 

 

 

 
 
   
الفنان السوري حازم عقيل يعرض في «غاليري زمان» اللوحة فسحة للتأمل.. والأسئلة

تاريخ النشر       15/04/2009 06:00 AM



قد نجد في معرض الفنان السوري حازم عقيل رابطاً موضوعياً، أو قاسماً مشتركاً، إلا أنه يشتغل لوحته بأساليب متنوعة، بل أحياناً متباعدة، إن لجهة التأسيس أم لجهة التأليف، فمرة يوازن بين المساحات بدقة متناهية، ومرة أخرى يدخلها في مخاطرات لا حدود لها... هذا ما يلاحظه الناظر إلى أعماله المعروضة في «غاليري زمان» (بيروت، الحمراء) لغاية 18 نيسان الجاري.

المشترَك في معرض عقيل استخدامه مفردات الترميز الحضاري الشرقي، أي اهتمامه بإبراز التاريخ الحضاري للمنطقة، خصوصاً تلك التي تتردد في العمارة التراثية السورية. إذ يحمل الفنان إلى لوحته مقاطع أو مقتطفات أو ربما أشكالاً هندسية رآها في تجواله بين حفريات بلده وقلاعه، من دون أن ينقاد إلى لوحة عمارة، أو يحوّل مساحة اللوحة إلى مسرح هندسي. حتى الزخرفة التي ينقلها إلينا لا تبقى في منطقها المنضبط، بل تنتظم في حركة بنائية يحافظ فيها الفنان على قدر كبير من الحرية والعفوية.

يكثر حازم عقيل من الرموز في بعض اللوحات، ما يوحي أحياناً بتراكم يربك انتظام اللوحة، بل يربك حركتها الداخلية، خصوصاً أن المهم بالنسبة إلينا ليس استحضار الرموز والمفردات الحضارية، من أجل الوصول إلى لوحة منتمية أو تكريس شخصية فنية أو البحث عن هوية تشكيلية، إنما السعي لتحقيق علاقات داخلية بين الرموز والمفردات الخطية واللونية، بل المهم هو إيجاد صيغة توصلنا إلى الهدف المقصود، وتوجّه الأشكال والألوان المحتشدة في اللوحة نحوه.
لوحة الجدار

يمكننا الحديث عن تحويل الفنان مساحته إلى ما يقترب من لوحة الجدار، أو التصوير الجداري، الذي يأخذ بعين الاعتبار تلك الفوضى الموجودة على جدار عام، تتراكم عليه الملصقات والصور والألوان الجديدة والقديمة كيفما اتفق، لكن الفنان لا يلجأ في لوحته دائماً إلى الصيغة نفسها، فهو بعيد كل البعد عما يُسمّى برصاً لونياً، وإن كان يسعى لتكريس تلك الشفافية، أو التركيب اللوني والخطي الذي يقودنا إلى آلية بناء التصوير الجداري، تلك الآلية العفوية الطلقة الحرة التي نلحظها في أعماله عموماً، وننتبه إليها في ألوان عقيل المتراكبة ووجود مساحات متقنة وأخرى مهملة، وفي التناقض بين مسح خفيف شفاف وتنفير للمادة اللونية (بدلاً من التحفير) من خلال استخدام خيطان، أو تأسيس التلوين على ورق ملصق، يسمح ببروز انحناءات غائرة وطيات نافرة، ما يزيد من هشاشة المساحة الزيتية، ويحيلنا أكثر على لوحة الجدار.

يستخدم الفنان الجدار لا ليستقر عليه، فهو لا يطيق سجناً، ولا التزاماً باتجاه تشكيلي أو مدرسي. هذا ما نشعر به لمجرد أن نرى ألوان المعرض، فمروحته اللونية لا تحدّها صيغة، أو تقودها فكرة، إذ كل الألوان موجودة، بما فيها الحامية والباردة، الصاخبة والهادئة، الكثيفة والشفافة. إنه التجميع نفسه الذي تحدثنا عنه في احتشاد الرموز. هذا عدا أن الفنان يؤكد في معرضه الكثير من التوازن اللوني الذي يبدو في كثير من الأحيان أكاديمياً. لكن المشكلة تكمن في غياب التفاعل الداخلي بين الألوان، أو تحويلها إلى مادة تعبيرية. قد تكون الحجة في مقولة «صمت الجدران»، حيث لا غاية للألوان والخطوط، وحيث يكون التراكم عفوياً وسوريالياً، وحيث تكون الفسحة مفتوحة لبعض التأمل.

تبريد العلاقات
بعض اللوحات تعتمد منهجاً تعبيرياً واضحاً، خصوصاً عندما تحضر الوجوه الآتية من تاريخ سحيق، أو عندما تتخذ الأشكال نبرة عالية، أو حتى عندما تتحول الألوان إلى نوع من التجريد التعبيري. لكن ما نلاحظه في كثير من الأحيان هو ذلك الانفصام في العلاقات اللونية، بحيث يكون لكل لون معناه الخاص المستقل، أو بحيث ينفصل اللون عن الشكل ويستقلّ تبعاً لنظرية التجريد اللوني. لسنا هنا بالطبع أمام لون أحادي، أو حتى ألوان متدرجة، لكننا أمام ألوان تبني علاقاتها من مواقع مستقلة، ومن علاقات توحي بالبرودة أحياناً.

هكذا تتحوّل الألوان نفسها إلى مجرد إشارات، أو لنقل مجرد رموز، تماماً كما يحصل بالنسبة إلى الخطوط، التي يرسم بها الفنان مربعات ومثلثات وبقايا زخرفة واختزالات قناطر وعمارات وأشكال حيوانية ونباتية أو حتى بشرية، يجمعها باختزال ذكي، ويضعها بتقنية عالية... لكنه يفقدها الحيوية التعبيرية المطلوبة، كي يزاوج بين لوحة الجدار والهوية الترميزية التراثية والتعبيرية الخ... حتى يستفيد مطبخه الفني من المدارس التي يستضيفها في اللوحة، أكثر مما يخضع لاستقلاليتها وتوحّدها، فيصاب فضاء اللوحة وحركتها بشيء من التبلد... لكن اللوحة، في أي حال، تبقى مساحة صالحة للكثير من التأمل، ومسرحاً للكثير من الأسئلة.




 

copyright © 2008  Al ZaQurA.com, Inc. All rights reserved 

 

 

Developed by
ENANA.COM