أعمال مسطحة مفعمة بالحياة والحركة، في «إيماءات دلالية توحي بها الألوان والأشكال». هذه الإيحاءات تقدم العمل كفكرة قابلة لكثير من التأويلات ومفتوحة على أفق ممتد من التداعيات الفنية التي تولّد أعمالاً أخرى.
ويقول المعلال الذي تتلمذ على يد الرسام الهادي التركي، إنه تأثر في أعماله بالعديد من الفنانين أمثال ألبرتو جاكوميتي، «ومرجعيته الفنية تعتمد أساساً على المستقبلية والتعبيرية المجردة». ويؤكد أنه «يتخذ البحث عن أهمية الفراغ في ثراء المادة كمبدأ فني، وهو مبحث جمالي يتناول موضوع التوازن بين ثراء المادة وسمو الفكرة الذي تمثله الفراغات، على مواد متعددة ومختلفة مثل المعدن والنحاس والخشب والألمنيوم والبلاستيك».
وترافق معارض المعلال عادة ورش عمل يدرب خلالها الشباب على التقنيات التي يعتمدها والتي أصبحت بدورها تمثّل تجربة متفردة في المشهد التشكيلي التونسي والعربي. فالمعلال يؤمن بضرورة التعامل مع الأجيال الجديدة وإعطائها ثمرة ما جناه طيلة مسيرته ليحمل بعضهم المشعل ويضيفوا لما قدمه ذائقة فنية مبتكرة. وربما ليبحث هو نفسه عن أفكار أخرى تضيف الى تجربته رونقاً وأفكاراً متجدّدة.
وبين المعادن والنار والمكوى الكهربائية والمطرقة والمثاقب وغيرها من الأدوات، يواصل المعلال عمله في البحث عن ثراء المادة في الفراغ الذي يراه مهماً ومؤثراً في شكل كبير على اللوحة أو المنحوتة.
وقدم المعلال مراراً أعمالاً مميّزة لعلّ أهمها تلك التي أنجزها خلال ورشة «الملتقى الوطني للتشكيليات العصاميات» السنة الماضية، وهي منحوتة ضخمة اعتمد فيها على قطع الألمنيوم والطَرق فقط.
ويقول الناقد التشكيلي التونسي احميدة الصولي عن المعلال: «حين يلون المنحوتة، إنما يتّخذ من ذلك معابر إلى سنوات الرسم، مرحلة البورتريه والتشخيص، لذلك نشاهد الحركة التداولية للألوان تراعي توافقات قلما نجدها في النحت. وبذلك تصبح المنحوتة في تداخل غير مرئي مع اللوحة التي أخذت شكلها وإطارها أحياناً، على رغم المعطيات المرافقة لها والدالة على أنها منحوتة».
ويضيف الناقد أن المعلال «يؤكد في ذلك سعيه إلى تشكيل الفكرة دالاً على قدرته على إدماجها داخل الفضاء المعدني حتى تكتسب قوة وجودها».
ولوحات المعلال سياق حركيّ متراكم ومتواصل، يعطي شعوراً بدفء الإحساس. ذلك أنّ المشاهد يقف أمام أعماله التي تبدو متشابهة في الظاهر، فيجد أنها تحمل بعداً دلاليّاً واشتغالاً على الفكرة التي هي العنصر الأساس في أعماله إلى جانب الفراغ الذي أنجز منه كائنات وشخوصاً تتوزع على سطح العمل في تقارب أحياناً وتنافر أحياناً أخرى، لتقدم في النهاية مشهداً مشبعاً بالنبض والحركة والتوق إلى عمل لم يكتمل بعد.
جريدة الحياة