محاضرة تتبع تاريخ الحركة التشكيلية في الإمارات
نجاة مكي: الصحراء ملهمة للفنان
ألقت الفنانة التشكيلية الدكتورة نجاة مكي مساء امس الأول في المجمع الثقافي في أبوظبي محاضرة بعنوان “الحركة التشكيلية في الإمارات: الواقع والآفاق” بدعوة من هيئة أبوظبي للثقافة والتراث. شهد المحاضرة حشد من الفنانين التشكيليين والمثقفين والإعلاميين ومتذوقي الفنون. واستهلت الدكتورة نجاة مكي المحاضرة، بعد تقديمها والتعريف بها وبتجربتها الفنية من قبل خولة حديد من هيئة أبوظبي للثقافة والتراث، باستعادة ظروف ومراحل نشأة وتأسيس جمعية الإمارات للفنون التشكيلية، قائلةً “من خلال الجمعية حاولنا تقريب الفن للجمهور العادي فأقمنا المعارض في السوق والحدائق وأماكن تجمع الناس مما يخلق الرغبة لدى الجمهور في الاطلاع على الفن التشكيلي”. أشارت الدكتورة نجاة مكي إلى أهمية بينالي الشارقة الذي كان برأيها نقطة تحول في مسيرة الحركة التشكيلية، مشيدةً بمبادرات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، التي كان لها الدور الأكبر في جعل فنان الإمارات يتجه اتجاهاً فنياً جميلاً، وقالت “أصبحت لدى الفنان رؤى فنية وأنماط مراقبة ساعد على وجودها التقاء الفنان الإماراتي بفنانين عالميين وعرب، ما أنضج الحركة التشكيلية الإماراتية”.
وعن بداياتها قالت مكي “أنا ضمن المجموعة التي عاصرت تأسيس جمعية الإمارات للفنون التشكيلية وكان أول معرض فني لي في نادي الوصل معبراً عن تجارب فنية متنوعة، فتجاربي الأولى أبرزت توظيف التراث شكلاً لا مضموناً فحسب باستخدام الحناء والزعفران كلونيات لأن والدي كان يملك محلاً للعطارة، وكانت الأعشاب تعجبني، ما دعاني إلى استخدام الحناء وبعض الألوان في اللوحات الأولى”. وأضافت “أوظف نقوش الحناء كأشكال هندسية وكعناصر في العمارة التقليدية والأبواب والملابس النسائية وحلي الزينة، وقد شدتني هذه الأفكار فطرحتها في أعمالي و تجاربي الأولى”. وعبّرت مكي عن شعورها بالارتباط الحميم بالمكان مشيرةً إلى أن انسلاخها عنه يؤثر فيها كثيراً، فتعبر عن هذا الشعور في لوحاتها وأعمالها الفنية، وتابعت “في أعمال المعارض التالية اتجهت إلى التنقيطية مع الحفاظ على رموز تراثية وأرقام، وكنت استلهم أعمالي الفنية من يوميات الحياة وإحدى لوحاتي صورت فيها سجادة معروضة في السوق، إلى جانب رسمي رموز الحلي والأحجار والمعادن المستعملة للزينة وأشياء أخرى يعتبرها الإنسان العادي بسيطة إلا أن الفنان يلتقطها بعينيه”.
ورأت الفنانة مكي أن للمرأة حضوراً دائماً في أعمالها وأنها توظف ارتباطها بالبحر والصحراء والمدينة في كل هذه الأعمال، بما يشبه الاقتباس، اقتباس الأشكال من البيئة البحرية أو الصحراوية من المكان وإنسانه، وكشفت عن إنجازها مجموعة من سبع لوحات تتحدث عن الصحراء كمجتمع “مسقط رأسي والرمزية في الكون الأبيض الدال على الحميمية والنقاء والغيرة لدى إنسان الصحراء والألفة والتعاون في ما بينهم، أحس كأن في الرمال عندما تحركها الريح نغماً أو موسيقا وأستلهم عدداً كبيراً من أعمالي من الصحراء وإمكاناتها اللونية والفنية”. كما كشفت الفنانة نجاة مكي عن أنها توظف حركة التراث والرقصات الشعبية وحركات الأجساد وتطاير شعور الفتيات كحركة فنية في لوحاتها، وكذلك تفعل مع حركة البحر والموج والنوارس، وأضافت “أما شكل الدائرة فقد استلهمتها من التراث وأشكال الملالة والسرود اللذين كانا من أدوات الطعام والمنزل في الإمارات قديماً، واشتغلت عليها فترة ووظفتها ببعديها الرمزي والفلسفي، وظل البعد الزمني في اللوحات حاضراً عمراً وخطوطاً لونية يشبه تدرج عمر الإنسان والانتقالية التي يحياها”. واستعرضت الفنانة مكي كذلك مجموعة أخرى من اللوحات بعنوان “حديث الجدار”، أبرزت فيها المكان والخطوط اللونية التي ترمز إلى الزمن ومروره في حياة الفنانة نفسها، وعلى من يشاركها هذه الحياة من صديقات. وختمت مكي محاضرتها بالتأكيد على أنها عملت على تجريد فكرة التراث والتعبير عنها من خلال مشاركتها في معارض خارج الدولة كألمانيا والصين كان آخرها العمل النحتي الذي يمثل دلالة التعاون بين المرأة والرجل في العمل في الإمارات، وهذا التمثال استغرق أربعين يوماً من العمل في المعدن والطين |