نعثر في لوحة الفنان الشاب على أشكال وعناصر، وكائنات طبيعية من نبات، وحيوان، وحجر، وطير في صور تبدو معها اللوحة كأنها قادمة من الكهوف والمغاور التي كان يرسم البشر على جدرانها هواجسهم وأفكارهم بفطرية عكست ملامح الحياة الهادئة آنذاك. ولكن وراء هذه البساطة، وتلك العفوية يبدو حسكو حريصاً على توزيع الألوان بحذر، واستغلال سطح اللوحة بدقة وأناة، فهو ينهمك بالهم التشكيلي عبر الالتزام بالمعايير بين الكتلة والفراغ الذي يحدث نوعاً من التضاد (الكونتراست)، وهو يعمد إلى إزالة خط الأفق، ويركز على ما يوجد في الأرض القريبة التي يعيش عليها. لوحته ملتصقة بالتراب، والحجر، والنباتات، والحشرات الهشة الرقيقة من دون أن يشغله هاجس التحليق في فضاءات التجريد والخيال.

ولعل المتمعن في لوحات حسكو يتبين في خطوطها، ورموزها وأشكالها براءة الطبيعة البكر التي لم تطلها، بعد، يد الجشع والاستغلال. ويعترف الفنان بأنه حينما يرسم ينسى العالم الأسمنتي، والشوارع المزدحمة من حوله، فهو يجد نفسه طفلاً يلهو في البراري الفسيحة، والحقول الممتدة أمام البصر في قريته شرّان الواقعة في منطقة عفرين، محاولاً استحضار بيئته الكردية الحافلة بالألوان والأشكال والصور التي كانت تحيط به من كل جانب.

ولا يكتفي حسكو بالاتكاء على هذه الذاكرة البصرية الخصبة، وإنما يمدها بمفردات معاصرة وحديثة، وهو يستثمر كذلك، تاريخ الحضارات والثقافات والرموز والأساطير التي تحفل بها ثقافة المنطقة، ليصوغ في النهاية لوحة تشكيلية جذابة تفتح الباب واسعاً أمام تأويلات شتى.

«زهرة القطن»، «الساعة الخامسة فجراً»، «نجمة الشمال»... وسواها هي عناوين للوحات يسعى الفنان  من خلالها إلى المزاوجة بين التجريدية والتعبيرية والواقعية وغيرها من الأساليب الفنية في محاولة للعثور على هويته الخاصة ضمن المشهد التشكيلي السوري. ويؤكد حسكو أنه لا ينتمي، ولا يميل إلى مدرسة تشكيلية بذاتها. لكنه يقر بأنه يستفيد من كل التجارب، والمدارس، والتيارات التي ظهرت في تاريخ الفن التشكيلي، محاولاً العثور على بصمته الخاصة.

ينهل حسكو موضوعات لوحاته من الطبيعة الأم بمساحاتها الرحبة المفتوحة وكائناتها الأليفة، ودروبها المؤنسة، وكأنه يعمد إلى ايجاد فسحة للهدوء والراحة والتأمل وسط الضوضاء والصخب، وضغوط الحياة المعاصرة ومشاغلها الكثيرة، ووسط السواد الكئيب الذي يغمر كل شيء في المدن العصرية.

يستخدم حسكو مواد مختلفة في لوحته كالزنك والإسمنت، والاسبيداج والجبصين والرمل والغراء، والفحم، وألوان الاكليريك، والألوان الترابية للوصول إلى الحساسية المطلوبة، ويقول إن «عصر المراسم التي يشتغل فيها الفنان على ضوء الشموع، والموسيقى الهادئة، مقتصراً على الألوان الزيتية، ومستخدماً ريشة صغيرة، انتهى، وبدأ عصر المشغل الإبداعي، إذ يوظف الفنان مختلف المواد في لوحته بغية تجسيد التعبير البصري المطلوب». ويرى أن «الإلهام والوحي والموهبة لم تعد المعوّل الأساس، بل هناك الجهد والأناة والدأب والــمهارة التي تقــود الفــنان إلى تــقديم لوحة ناجحة».