ظل بعض الرسامين العمانيين يبحثون عن سمات وملامح شخصية عمانية شعبية بدرجات متفاوتة من الوعي الجمالي لروح التراث على تنوعه وثرائه
واختلاف البيئة في منبته وجغرافيته وتفاصيل الطبيعة وحياة الناس في ظفار وصلالة على وجه التخصيص، من هؤلاء الفنانين الذي ينتمون الى الترميز والاشارة التعبيرية في لوحاتهم ظهر الفنان أحمد المشايخي في الرسم والتصميم. فحملت ألوانه شفافية البيئة والانسان العماني في حياة البحر والجبل والسهول والصحراء. و(تكمن خصوصية تجربة "المشايخي" في جمالية اصطياده للحظات خاطفة من حركة تلك الحياة اليومية للعماني، بموازاة قوة حكة الشكل المعماري وضربات الفرشاة الصريحة الألوان كما حققها في حركة غيوم في السماء او في اندفاعة وهدير أمواج بحر أم امتداد حقول من القمح والسهول وعلى آفاق الصحراء.
وتحققت معالجاته المبسطة حتى في همودية وسكونية المرئيات في الفلاة وهي تحتضن هوادج الجمال والانعام الأخرى التي رسمها ومنها الغزلان في منعطفات المرتفعات ومفاوزها والقبض على لحظة رسمها. ويترك الفنان أحمد المشايخي لروحه الأندياح في لجج النفس تحمله الى مخيلة تعبيرية مرمزة أكثر منها واقعية منطبعة لذتها. في أواخر التسعينات، بينما أتاحت ممارساته للرسم على تباعدها الزمني منطلقا في قوة وحدة الفرشاة المندفعة بحركتها لتشمل مساحات عريضة من مساحة اللوحة وهي متوهجة باللون والحركة والمعمار الفني المختزل والمقتصد، موضحاً سر اهتمامه بمساقط الضوء وزوايا النظر وطريقة منظوره للاشياء المرئية مكانيا، وبالكتلة وثنائية الأبعاد التشبيهية ثانيا وبالالوان الخضر والزرق والبرتقالي والفيروزي،منفرشة (حرة) على مساحات الانشاء التصويري.
(هو في كل لوحة يحاول أن يعبر عن مفردات بيئته ومفرداتها ومجموع تجاربه وذكرياته. إنها في معظمها تجربة حياة (صلالة) ووطبيعتها ورموزها التاريخية والنفسية، والمجتمعية واشراقاتها، وروعتها، بتأكيداتها على الإنسان والطبيعة أرضا منبسطة وجبالا ووديانا،جسداً متكاملا بالجهد الفني الذي تجسده لوحاته وتصاويره و(يتوهج بالحب واللوعة). فهو في سنواته الخمس الأخيرة كان متوجهاً بكل ذرة من روحه لأن يرسم ويحاول ويجرب وينتج .. كلما اشتد انشغاله مع اللون والخط والروح.. ليصل إلى هذا الأفق الأزرق الرائع الذي كان الفنانون في سلطنة عمان جميعاً يحلمون بالوصول إليه.. لأن يقول لنا الفنان أحمد المشيخي (شيئاً خاصاً). لذلك نؤثر أن نتحدث عن لوحاته من منظور بيئته وحضارته الشخصية في صلالة، فنلازمه بأفكارنا أيضا، وبأفكار التجربة الخليجية عامة، والعمانية بخاصة،وهي في انشغالها للبحث عن معالجة وصياغة وحدات شكلية تخدم المضمون وتسعى باتجاه رؤية مستقبلية). |