... ارسل الى صديق  ... نسخة للطباعه ...اضف الى المفضله Bookmark and Share

 

أخبار و متابعات

 

 

 

 
 
   
ريم البنا : الشجن الذي يمنع من السفر

فاروق سلوم

تاريخ النشر       18/11/2008 06:00 AM



 
انها امرأة واقعية تعرف طريق الخطوات .. الى الحلم
وهي أمرأة رومانتيكية الى درجة الأنتماء الحميم  الى البشر والحجر ورائحة المكان.. الأرض وناسها  .. تعرف المكان  وهي مغمضة العينين .. وتخاطبه وهي في صمتها العميق تتأمل الداخل المليء بكل وهج .. وكل ثراء
تؤثث حياتنا بالمعنى .. وتضفي على حقائقنا لمسة السحر.. في الرحيل ..هي قائمة هناك .. لاتغادر.. فهي ممتدة جذرا.. جذرا
 وفي الأقامة هي سيدة الطواف .. في تجوال لاينتهي في سماواتنا .. بالكلمة المنحوته .. واللحن الذي يحكي :
ذات يوم فاجأوني
دفعوا امي وأختي جانبا.. واعتقلوني
كالتماثيل الترابية كانوا..
 بوجوه فقدت ضوء العيون
ريم البنا الصوت الفلسطيني الذي يحكي لغة اللوعة في مخاضها .. وغدها.
منذ عقدين وهي تلهج بأسم البلاد  المختطفة منذ ستين .. تتعلم كي تدوزن الصوت لينطق باللغة المنحوتة والعبارة الرحيمة المنتخبة بعناية وهي تمر مابين القلب .. وبين القلب جرحا من موسيقى واداءا مسموعا .
 تسافر فينا .. وين عارام الله.. الجليل .. الناصرة الساحات النوادي الناس.. لكن قلبها على غزة..
 

 
 
تقول  وهي تتأمل من الناصرة ، حيث تقيم ،  كيف اقفلت اليد الحديدية القطاع وصارت العتمة هي خيار سلطة الأحتلال لقتل ذبالة النور في الليل الصعب .. تدرك ان ضوء الداخل هوضوء الروح  الذي لن ينطفي .. وحين تأتي دعوة الأهل لتغني ريم البنا  هناك .. عند تراب غزة .. ترتجف الكلمات .. ويباغت اللحن قيثارة – ليونيد اليكسينكو – رفيق الرحلة والحياة الصوت والموسيقى .. وتدندن – بيسان الصغيرة مقلدة ماما :

طيري وهدّي ياوزه
وديني على غزّه ..

تعكف ريم على حلم الذهاب الى بيتها .. اليست البلاد كلها منزلا .. ومحبة .. وروح . لكن  سلطة الأحتلال الأسرائلي ترفض ان تذهب الى منزلها ،  طفلة الكلام .. والعبارة والغناء
مالك مال عينونك
مال عيونك عم تبكي
لاانت قوية .. سوف تخترقين القيود كرة اخرى .. الم يفعلوها من قبل يوم شددت الرحال الى بيروت ودمشق .. لكنهم في اللحظة الأخيرة قالوا لك :

 ممنوع الخروج من عزلة الأحتلال .. تأملت كيف  يطلقون الكلام .. احتالوا على لغتهم بكل الوسائل ليقولوا لك ان منعهم لك من السفر هو خيار قانوني ..

 لكن ريم البنا لم تسكن .. ولم تسكت  وهي تبصر من حولها الرسائل والمواعيد .. وجلست امام الشبكة .. جعلت الغرفة الفلسطينية الصغيرة استوديو للبث الحي وشرعت تغني .. تغني ويتلقفه الناس هناك ..  في بيروت ودمشق يغنون يصفقون .. يذرفون دمعا وهي تسندهم كتفا لكتف :
ستحملك الفراشات الى ظهر غيمة
ستجري بك الغزالة الى جرف جميزة
ستحملك رائحة الخبز والحنين
شهيدا الى حضن امك
ان الخسارة هي معيار البقاء هكذا هو الوعد الفلسطيني .. الشهداء الأحياء من نوع ريم بنا وهي تحول الممنوع الى وسيلة مستحيلة لأيصال رسالة الأهل .. من بلاد يطوقها البحر ويغرقها الأحتلال .. منذ ستين عاما ولم تنطفي جذوة الحنين ياريم بنا وانت ترددين :
لم تكن تلك حكايتي
منذ اول الزمان
وانا افتح نافذة على فلسطين
خمسون عاما من الأنتظار..
ياريم صارت ستين ولساعتو .. لاح القمر لاح .. وبستان جدك عامر على الجبل ..
 تحملين معك مفتاحك ومحبوك يرمون الفل عند قدميك .. وانت تحملين مجموعاتك الست من الغناء والموسيقى لنا في كل مكان وللصغار في اسرة الحلم..  وتحتفلين كل مساء عند نوارة الزيتون .. والحجر القديم اذ – وحدها تبقى القدس – مجموعتك التي تلخص العبارة وهي تغني فلسطين .. النساء .. الصغار وخيمة الرب التي تعصف في اركانها ريح الفراغ .. الست التي تغني :
ياجذر جذري
انني سأعود حتما فأنتظرني
في شقوق الصخر والأشواك
                                                *
ريم البنا  تقرر ان تخترق الممنوع كما كل مرة .. غزة على الخط .. غزة على الشبكة شبكة القلب .. الكل سيغني وسيهتف من قلب مدمّى .. لاح القمر لاح .. ولاتحسبوا طالت الغربة ..
 وغدا رم البنا  في جنيف ، حيث سنغني معك .. يوم 5 كانون الأول 2008 ..
- ليا بلايا على ليّا ..
  ونرمي عند اطراف ثوبك الفلسطيني المطرز الآس والياسمين .. لتظل وحدها القدس .. تظل كلمتك وصوتك .. مفتاحك الذي تحملين الى منزلك .. الكبير مثل قلب .. وسلاما ايتها السيدة  الفلسطينية ريم البنا .. في الرحيل وفي الأقامة ..


مقالات اخرى لــ  فاروق سلوم

 

copyright © 2008  Al ZaQurA.com, Inc. All rights reserved 

 

 

Developed by
ENANA.COM