لوحة لفاتح المدرسفرصة نادرة توفّرها غاليري “رؤى للفنون” في عمّان عبر احتضانها معرض “نماذج من التعبيرية السورية” الذي يضمّ أعمالاً لسبعة فنانين سوريين هم: فاتح المدرس، نذير إسماعيل، حمود شنتوت، سبهان آدم، علي حسين، ناصر الآغا ونهاد كولي. هكذا، شمل المعرض الإنتاج التشكيلي السوري في 50 عاماً، وجاء مسحاً فنياً دقيقاً لانتشار المدرسة التعبيرية في الفن التشكيلي السوري. هذه المدرسة التي بدأت جذورها من لوحات فان غوغ في أواخر القرن التاسع عشر وبداية العشرين، وتعمّد فنّانوها تحميل العمل التشكيلي مشاعر ذاتية رؤيوية تتفلّت من الشكل الفيزيائي للجسد. أما في سوريا، فتلقّف الفنّانون أدوات هذه المدرسة وأخضعوها لمتطلّبات المحلية. تُعرض لرائد التعبيرية السورية فاتح المدرس (توفي عام 1999) تسع لوحات (بين 1996 و1997) وهي المرحلة المتأخرة من أعماله بالأكريليك على ورق مثبت على خشب. تتكرّر الجغرافيا في أعمال المدرس: المشهد واحد، والزاوية أيضاً، رؤية لطبيعة حيّة تتغير عناصرها بمزاجية الفنان؛ فالألوان باردة، والزاوية بعيدة، إلّا أنّ كلّ لوحة تحمل مشاعر وتعبيراً مختلفين. أما نذير إسماعيل (1948)، فيمكن اعتبار أعماله من ضمن مدرسة التعبيرية الجديدة التي ظهرت في السبعينيات. إذ يعرض 8 لوحات (ورق مصنّع يدوياً وحبر) نذرت للبورتريه. وجوه شاحبة، متوترة وناحلة بلا ملامح تقريباً، تتموضع أمام المشاهد، لكنها تتململ في حركتها البطيئة وأفواهها المفتوحة أو المغلقة. وهذه الشخوص التائهة تظهر أيضاً في لوحات حمود شنتوت (1956) الخمس، المشغولة بالألوان الزيتية على الخشب مباشرة. وعند الوصول إلى عمل سبهان آدم الوحيد (أكريليك وحبر على كانفاس) سيكتشف المشاهد وجهاً مألوفاً على قبحه: الكائن السادر المتجهّم نفسه، لكنّه قابع في مركز دائرة تحيطها، على كل مساحة اللوحة، قصيدة لنزار قباني بخط الثلث. وبالتأكيد، فالقصيدة لا تبتعد عن الأجواء الملنخولية.. “عزيزتي إذا رجعت لحظة لنفسي أشعر أن حبنا جريمة/ وأنني مهرجٌ يقذفه الجمهور بالصفير والشتيمة”. أما علي حسين (1956)، فيعرض 9 لوحات (أكريليك وذهب على كانفاس). الحسّ المحلّي هنا ظاهر من خلال عناصر البيت الشامي والحمام والصبايا بالأزياء التقليدية. ثيمة البيت الشامي تظهر أيضاً لدى ناصر الآغا (1961) في 5 لوحات أكريليك على كانفاس. وعند نهاد كولي، تستفيد أعماله الستة (أكريليك وملتي ميديا على كانفاس) من الفنون البدائية التي يمكن إرجاعها إلى الرسوم على جدران الكهوف، إذ تستعيد شخصيات ورموزاً بدائية مرسومة على خلفيات بألوان حارة خلطت مع صفحات جرائد.
|